140
في العقل قوة لا تستهين بها، فهي إما تسيطر على لهو النفس، وإما
تُلجم جماحها،وإن سيطرت على لهو النفس،قضت على عشوائية الجسد
عليك أن تزرع في روحك قوة الإعتقاد ، حتى تصل بفكرك لقوة الإرادة
حسن يؤمن بأن إندماج العقل مع الصدق، يصل بالإنسان إلى الطريق
المستقيم، وترتمي أفكار بين المنطقية والواقعية ، في مضيفة جعفر
يُمسك جعفر بعقود الحيازة.
_ تحب أكتبلك تنازل عليها ياحسن
ولا تستلمها وبس.
حسن يقوم ليجلس بجوار جعفر ويُفسح له هارون المكان.
_حنكتب تنازل ياعمي كل كل حيازة.
أمر هارون طلب بإحضاردواية حبر وريشه ، وسرعان ماجاء طلب
بالدواية والريشة ، وبدأ جعفر الكتابة تحت بصر حسن .
_ تنازلت أنا الملتزم جعفر ابن على ابن
أبوزيد إبن الأعور، إلى جناب.
حسن قبل أن يسأله عن اسمه قال له.
_إلى عباد الرحمن .
جعفر يتوقف عن الكتابه وهو في دهشة.
جعفر
_ عباد الرحمن ؟
_ أيوه ، أنا مابحبش أحط إسمي على الحيازات
علشان مايزودوش عليه الجبايه ، وأنا بوزعها
بمعرفتي.
141
_ ماشي زي ما أنت عاوز .
ينتهي جعفر من كتابة التنازل على كل الحيازات وقام بوضع بصمته
أسفل كل تنازل.
جعفر
_ مبروك عليك يامعتصم يابني
وربنا يجعلها عامره بحسك.
_ تشكر ياجناب الملتزم
هارون
_ بكره حنمشي كل مزارعين البلد
علشان تستلمها فاضيه.
_ لا ، خليهم زي ماهم ، سمعت إنهم
أرخص من مزارعين بلدنا.
يهم حسن بالوقوف
_ حقوم أمشي بقى ، وتشكروا على
كرم الضيافه.
جعفر
_ لا والله ماتمشي في الوقت ده
إحنا عدينا العشا، أنت الليله
ضيفي وبكره النهار براح.
_ حس بس ياعمي.
_ مابسش ولا حاجه .
_ اللي تشوفه جنابك.
142
اللزي ينادي على طلب الواقف أمام باب حجرة المضيفة .
_ أنت والرجاله مع مهران لحد الصبح
ماتتعتعوش من هنا، خليكم واقفين مع
مهران .
طلب
_ ماشي ياسبع .
يلتفت لهارون .
_ بينا ياهارون ، اليوم كان طويل.
وجتتي محتاجه السرير.
يقف هارون.
_ نشوفكم الصبح.
يستوقفهم جعفر ويمنح كلا منهم كيساً من النقود (الآقجات)
يأخذ كلاً منهم كيسه وهو يبتسم وفي داخله يلعن هارون
الذي قبض عشرين ألف آقجه ويمنحهم الفتات.
حسن يبتسم داخله فهو يقرأ كل الوجوه ، هاهم حفنة الشر يراهم أمامه
ببصره ، يقرأ تقسيمات وجوههم،هو يملك قوة التصورالتي تقوده لقوة
الملاحظة، التي تستخرج قوة التفكير وتُنمي نتيجة الفعل ، ينظر لجعفر
وهذا هو جعفر والد لواحظ يجلس أمامه ، يحاول أن يرضيه، تمناها
واقع لا حالة مزيفة يرتدي فيها الجميع الأقنعة،يتذكر لواحظ ،يتمنى لو يطير إلى حجرتها ، هو يعلم أنها فوق رأسه ، في الدور الذي يعلوه.
قطع تفكير حسن كلام جعفر.
_ دارنا زارها النبي النهاردة يامعتصم ياابني.
143
_ ربنا يخلي جنابك ، أنا اتشرفت بيك
بقولك أيه ياجعفر بيك؟
_ قول يامعتصم ياابني.
_ أنا سمعت إن عندك عروسه.
_ تُقصد لواحظ بنتي.
_ أيوه، سمعت عنها كل خير.
السعادة ترتسم على وجه جعفر ولكن لا يريد أن يُسرف في سعادته
_ هي ياابني على وش جواز، وكل
مايتقدملها حد ترفض ومفيش حد
مالي دماغها، الظاهر أنا جلعتها زياده.
_ معاها حق ياعمي، هي بنت الملتزم
جعفر أي حد يستاهلها.
جعفر شعر بإهتمام معتصم بلواحظ ، فأراد أن يجعله يراها وقد تعجبه
ويتخلص منها ومن الذي حدث.
_ بعد إذنك يابني .حخليهم يجيبوا الشاي.
_ اتفضل جناب البيه.
يخرج جعفر ، يصعد السلم قاصداً لواحظ .
_ ربنا يجعله من نصيبها ، وارتاح منها
ومن الفضايح.
يفتح الباب ويدخل جعفر ، مصايب تنهض واقفة رعبا من جعفر، لواحظ
منكسة الرأس ولا تنظر لأبها.
جعفر
144
جعفر
_ قومي قدمي للضيوف شاي.
_ خالتي مصايب هي اللي تعملهم
الشاي وتوديه ، انا من متى بقدم
حاجه للضيوف يابا.
_ مفيش غيرك حيقدم الشاي ، معتصم
جاب سيرتك ويارب يكون من نصيبك
إبن أصول ويشرف أي عيله.
لواحظ تهزها المفاجأة .
_ أنا مش عاوزه اتجوز يابا.
جعفر ساخراً
_ أنت ليك عين تتكلمي، مش عاوزه
تتجوزي ، عاوزه تعشقي المطاريد
حتتجوزيه غصب عنك بس يرضي
بيك ونلم الفضايح والجُرس اللي عملتيها.
أنا حنزل للضيوف وأنت حتحصليني بالشاي.
مصايب
_ إنزل يابيه وماتعكرش دمك وهي حتحصلك.
...................
ليت هؤلاء يبتعدون عن الظُلم ويدركون أن كل البشر سوف يعيشون
145
صاحب القصر ، وصاحب الكوخ، ومن يسكن حتى في المدافن والجبل
ولكن من منهم يمتلك مفاتيح السعادة،الحياة ماهي إلا تجارب مُعتادة
فيها الربح وفيها الخسارة، لن تندم أبداً عن مالم تتكلم به ولكن غالبا
يكون الندم على مانتحدث به، حسن ومرسال بمفردهما في المضيفة.
_ الواحد كان خاويان ياحسن أنا
أكلت لحد ماحسيت أني حفطس
من كتر الأكل، بس ماكنش لازم
نبات.
_ الراجل حلف علينا يامرسال.
_ ماشي ، حناكل تاني يعني
وحيفطرونا الصبح.
_ أنت كل همك على بطنك ، تصدق
أنا غلطان اللي خليتك تاكل معانا.
مرسال ساخراً
_ ياسلام ، منا طول عمري باكل معاك.
_ شُفت ياواد يامرسال وش جعفر
كان عامل إزاي، لم جيت تاكل معانا.
_أه وشه كان جايب ألوان هو وهارون
واللزي، الناس دي اتعودت على ذل
الناس وإستعبادها.
يدخل جعفر
_ معلش اتعوقت عليكم شويه.
146
_ محدش غريب ياجعفر بيه.
_ طبعاً وده بيتك ومطرحك
..................
لواحظ لا تزال في عنادها ومصايب تقنعها بكافة الطرق .
_ ربنا يهديكي يابنتي وانزلي
لو مانزلتيش حيجي أبوكي
ويطين عيشتنا.
_ان شاء الله يموتني.
_ يابنتي إعملي معروف ، أنت دخلي
الشاي وامشي على طول ، ماتخليهوش
يبص في خلقتك ولا تبصي في خلقته.
لكن اللي بتعمليه حيجر عليك التعب
_ ماشي ياخاله.
..............
من يكف عن النظر عن بؤسه الداخلي، سوف يغنيه الله، فنحن لا نملك
تغيير الماضي ، ولا رسم المستقبل،بالصورة التي نتمناها، فلماذا نلوم
ونقتل أنفسنا على أشياء لا نستطيع تغيرها،جعفر وحسن ومرسال في
المضيفة.
147
جعفر
_ أول مره يقابلني حد، يحب العبد
بتاعه كده.
حسن
_كلنا عبيد عند الله ياجعفر بيه.
_ ده تواضع كبير وزايد شوية.
............
إن تلبدت السماء بالغيوم، أغمض عينيك قليلاً، سوف تبصر خلف الغيوم ، قمراً ونجوم،ولو وجدت الأرض حولك توحشت بالرياح
والأعاصيروالثلوج، أغمض عينيك، فسوف تجد خلف الثلوج مروج
لواحظ تحمل صينية الشاي بيد مرتعشة كارهة للدوخل للمضيفة
وليتها تعلم الحقيقة لسابقت الريح إلى المضيفة .
..................
في المضيفة حيث يجلس جعفر وحسن ومرسال ، حسن يكره الُظلم
ويُفضل أن يعاني منه ولا يمارسه ويمقُت كل من يمارسه.يفكر
يعمق في الحالة التي وضع نفسه فيها، قطع تفكيره طرق على الباب
وصوت جعفر.
_ ادخلي يالواحظ ، مفيش حد غريب.
حسن كاد يغمى عليه من المفاجأة التي لم يتوقعها، كاد قلبه أن يقفز
من مكانه.
148
تخل لواحظ ، يدها ترتعش، تنظر إلى الأرض ، حسن ينظر للواحظ
ووجع القلب يعتصره ، يحاول أن يتماسك، لواحظ تضع أمامه الشاي
وقدماها مسمرتان على الأرض،حسن يُقلب صفحات كتاب العشق
يفتح صفحة الشوق، يجدها مكتوبة بالمشاعر والأحاسيس، غاب
عنها الكلام، لحظة صعبة وقاتلة أن تكون في لحظة بين الرجاء
والتمني، قلبه لا يهدأ عند رؤيتها،لواحظ أمامه ، خرجت من باب
الذاكرة وتقف أمامها بشحمها ولحمها، قوامها الرشيق وعينيها
الهاربة إلى الأرض.
جعفر
_ سلمي على الشريف معتصم يالواحظ.
حسم يمد لها يده ، تظل معلقة لبعض الثواني.
جعفر
_أيه يالواحظ، الشرف معتصم ماددلك يده.
لواحظ ترتبك ، تمسك بطرف طرحتها وتسلم عليه دون أن يلمس يدها
تسحب يدها بسرعة من يد حسن وتجري بسرعة خارجة من حجرة المضيفة، تصعد السُلم مهرولة حتى تدخل حجرتها ، ترتمي على
فراشها، مصايب كانت قد لمحتها فهرولت خلفها مسرعة .لواحظ
تبكي بحرقة .
_مالك يابنتي ! فيه أيه؟
_ مفيش حاجه ياخاله
تواصل البكاء بحرقة
هي لا تعلم أن حبيبها كان حاضراً أمامها يراها ولا تراه وهي تغتقد
149
أن حبيبها غائب، يرتدي الشوق ثوبه، ويقف على باب ذاكرتها
وقلبها وبصرها ولا يُبصرون غيره، هي كرهت أن تحمل الشاي
لهذا الزائر المجهول ولكن تكتفي أن تصب كؤوس خمر العشق
لحسن، هي لا تدرك بأن هناك رسالة من الشوق من القلب للقلب
لو أرادت، هي اختارت رسالة الدموع.
...............
للشوق نوعين ، شوق الغيبة ولا يسكن إلا باللقا وشوف الأرواح
وهو لا يتم سوى بالحضور والمعاينة، فالشوق مستعمر ومستبد
لكل الجوارح، لا يقف عند الروح والنفس، بل إلى القلب والعقل
والجسد بكل أركانه، ليله خاصة يواجهها حسن ، تحمل داخلها
كل المتناقضات،موقف لواحظ أسعد حسن ولم يغضبه ،هاهي
ترفض معتصم بجاهه وسلطانه وماله وأصوله ، وتفضل عليه
هذا المجهول طريد الجبال ، هكذا هو العشق ليس له تلك
المقاييس التي يعرفها البشر، في المضيفة ، جعفر يحاول أن
يخفف على حسن سوء تصرف لواحظ.
_معلش يامعتصم ياابني، لواحظ كانت
مكسوفه، أصلها مابتقابلش رجاله واصل.
_ مفيش حاجه ياعمي ، أنا مقدر الموقف.
_ طيب قوم معايه علشان أوريك أوضتك
اللي حتنام فيها، علشان تريحلك شويه
_ مفيش داعي ياعمي، أنا قاعد هنا
150
لو حبيت أريح ، حمدد جسمي هنا.
_ مايصحش ياابني.
_ سيبني براحتي اعمي ، البيت
بيتي، اتفضل أنت ، تعبناكم اليوم.
_ أنا حسيبك علشان تاخد راحتك
تقعد بالعافيه.
_ الله يعافيك.
يخرج جعفر من باب الحجرة وهو يصب اللعنات على لواحظ.
_ معتصم ماجبش سيرتها تاني
يبقى معجبتوش، ولكن حتعجبه
إزاي وهي كسفته، دي سلمت
عليه بالعافيه وخلت وشي في الأرض.
يصعد السلالم ويتجه لغرفة لواحظ غاضباً يفتح الباب ويدخل، لواحظ مستلقية على الفراش تبكي ومصايب تحاول أن تخفف عنها، يدخل
جعفر وتنتفض مصايب من جوار لواحظ.
_ فيه حاجه يابيه ؟
_ إستني يامصايب أنت.
يقترب من لواحظ والشر يتطاير من عينيه ، هو لا يريد أن تضيع منه
تلك الفرصة في نسب كبير تتحاكي به المديرية ويتخلص منها ومن
عار علاقتها بحسن كما يراه هو.
_ وكمان بتعيطي، ليكي نفس
151
تكبسي راجل كد الدنيا ماددلك ايده
وتخلي رقبتي زي السمسمه.
_ أنا عملت زي ماقلت ، وديت الشاي
وسلمت عليه، عاوز أيه تاني، عاوزني
أقعداتساير معاه.
تبكي بحرقة
جعفر
_لا حرام تتحدتي معاه وحلال تعشقي
مطرود الجبل.
يصفعها على وجهها
_ أنت فالحه في االفضايح والجرس.
يصفعها مرة أخرى ويخرج جعفر ويمشي في الممرحتى يصل حجرته
يفتح الباب وهو في حالة غيظ من تصرفات لواحظ، يفتح باب الغرفة
ويدخل ،يخلع جلبابه ويرميه على دكة قريبة من فراشه، يُحدث نفسه.
_البت دي ، حتشلك ياجعفر، حتموتك
بالحيا،أعمل معاها أيه تاني ؟ حبسه
وحابسها، حتى الضرب مش نافع فيها
معانده ودماغها ناشفه زي أمها.
..............
أضعف الناس من ضعف أمام كُتمان سره، وأقواهم مني تحكم في
152
غضبه، وأصبرهم من ستر فقره وصبر على البلاء،وأقنعهم من إرتدي
القناعة تاج فوق رأسه،والله لو أراد بعبد سوءاً سلك عليه نفسه وأن
أراد بقوم سوءاً، سلط عليهم الفقر والجدل وقلة العمل والتكاسل والتخاذل أمام العظائم،والنهوض أمام توافه الأمور ،حسن مستلقياً
على الدكة ومرسال جالساً بالقرب منه.
_تعرف ياحسن ، دلوقت بس عذرتك
في حب لواحظ، هي تستاهلك ياحسن
ماكنتش فاكر إنها كده .
_ وأيه اللي غيرك يامرسال؟
_أنت ماشُفتش شكلها كان عامل
إزاي لما دخلت علينا ولما حطت
صينية الشاي ولما سلمت عليك
وهي عارفه إنك شريف كبير
وعظيم وغني، كل ده ماهمهاش
وتحب واحد ساكن الجبل ماتعرفش
عنه حاجه ، بتحب واحد بعشق صعب
ومستحيل، وبيتفرش قدامها المال
والجاه والسلطان وتسيب ده كله
علشانك ياحسن.
_ لواحظ ملاك في توب بني أدم يامرسال
_ معاك حق ، هي غير الشيطان أبوها
أنا بقولك من قلبي، ماتفرطش في البت
دي ياحسن.
153
_ مقدرش ياحسن ، لواحظ بقت روحي
اللي عايش بيها يامرسال.
_ نفسي أتكلم معاها وأشوفها بحريتي
يامرسال.
_ ما أنت شُفتها وسلمت عليها كمان؟
_سلمت عليه وأنا معتصم يامرسال
نفسي أسلم عليها وأنا حسن ، واتحدت
معاها.
مرسال يبتسم
_ واللي يخليك تقابلها.
_ إزاي .
_ مالكش دعوه ، أنا حتصرف وربنا
يستر.
ساخرا
_ مش عارف أخرتها أيه معاك .
ينهض مرسال من على الدكة .
_ أيه؟ رايح فين .
_ حشوف، يمكن أقدر أوصلها.
_ ولو حد شافك.
_ ماتقلقش ربنا مودود.
مرسال يخرج من غرفة المضيفة متسللاً على أطراف أقدامه.
154
12_ فرحة مُستيقظة من النوم.
الإنسانية جميعها تتكون من ثلاث طبقات ، تحكمهم ثلاث سياسات،طبقة
عنوانهم العزة والحرية والشموخ وهؤلاء ، لا ينفع معهم سوى طريقة
وحدة لتسوسهم بها،العطف واللين والإحسان وإياك والعند والعنف معهم
طبقة من خامة الأشرار والمنافقين ومُحبي العبودية ، وتسوسهم، بالعنف والغلظة والشدة، وطبقة العامة وهي الغالبية من البشر وتسوسهم
باللين حتى لا تمزقهم الشدة وبالشدة ، حتي لا يبطرهم اللين.
يشعة ومريم مستلقيتان على دكتين ، مضمومتان على بعضهما البعض
مريم تحاول أن تنام ويشعة طار من عينيها النوم وبصرها معلق بالسماء.
_ بت يامريم ، أنت لحقتي تنامي؟
_ أنا بحاول أغمض وأنام .
_ حتنامي بدري كده.
_ بدري أيه يايشعه، احنا في نص الليل.
_ مش جايلي نوم، قومي اتحدتي معايه
_ وعلشان مش جايلك نوم، تقرفيني أنا
_ عاوزه أتحدت معاك، مش أنت اختي
حبيبتي .
_ أنا لا اختك ولا أعرفك، سيبيني أنام بقى.
_ويهون عليك تسيبيني لوحدي قلقانه.
تعتدل مريم
155
_ منك لله ، أديني ، قمت ، قلقانه ليه بقى.
_ الحيازه تلاقي معتصم أخدها وجعفر قبض
التمن.
_ طيب وهو أبوك والشيخ أدم راحوا لحسن ليه؟
_ يمكن مقدرش يعمل حاجه ولقي الموضوع
كبير وفوق طاقته.
_ فيه حاجه ملخبطاني وعاوزها أفهمها؟
_ أنت عامله نفسك فيها أبو العريف
إعملي معروف نامي وخليني أنام؟
_مش حرتاح ولا حنام غير لما أعرف
فيه أيه ؟
_ ولا حترتاحي طول عمرك، أنت كده
حاشره نفسك في كل حاجه، اللي ليك
فيه ، واللي ملكيش فيه، اتخمدي ونامي.
يشعه ساخره.
_ نامي وإشبعني نوم يااختي، أنت لا بتحبي
تتعبي ولا تفكري ومش بتشيلي هم حاجه.
_ خلي الهم ليك يااختي وسيبيني أنام.
156
....................
في قصر جعفر، مرسال يصعد السلم بهدوء، متحسساً جدرانه، الضوء
ضعيف،يصل أعلى السلم، وفي تلك اللحظة سمع صوت فتح باب،نام بسرعه على السلالم مراقباً الموقف، وجد جعفر بملابسه الداخلية
عبارة عن سديري وسروال كبير، مرسال في حالة رعب شديدة
لو اتجه جعفر لدرجات السلم لأمسك به، ولكن ساعدت الظروف مرسال
فقد ذهب جعفر نحو الزير ثم شرب ماء وعاد مرة آخرى لحجرته.
تنفس مرسال الصعداء، ولملم نفسه من حالة الفزع والرعب التي
جعلته يلتصق بدرجات السُلم،صعد درجات السُلم وصل الدور الأول
تسلل على أطراف أصابعه مستنداً على الحائط، يقترب من حجرة
لواحظ ، في نفس اللحظة تخرج مصايب فتصطدم بمرسال، كادت
أن تصرخ، فكتم فمها بيده مرسال هامساً في اذنها.
_ ماتخافيش أنا خير ، عبد معتصم
واحنا ضيوفكم، كلميني بالراحه.
مصايب وهي في حالة رعشة وإرتباك.
_ وأيه اللي جابك هنا.
_ اللي جابني روح شريره جوه الدار
ده ومشقلبه حاله .
تبصق مصايب في صدرها.
_ جوه الدار، الشر بره وبعيد.
_ أيوه جوه الدار وهي روح
157
وحشه ، خلت البيت نكد وشر.
_ وأنت عرفت الروح دي منين؟
_ أنت متعرفيش إن معتصم الضيف
بتاعكم راجل مبارك،والأرواح كلها
مصاحباه وبيحس بيها .
_ وانت جيت هنا ليه؟ ومالك ومال
الروح؟
_ سيدي بعتني أدور عليها وقلي
إنها في أوضه هنا.
يشير لحجرة لواحظ.
في الأوضة دي .
مصايب تقتنع بكلام مرسال وتبدأ في الهدوء .
_ تبقى الروح دي هي اللي منكدة على
الست لواحظ.
_ تبقى الروح هي اللي غيرتها .
غيرتها إزاي ؟
_ فيه روح واحد إسمه حسن دخلت
جوه حد هنا.
_ أيوه دخلت جوه لواحظ، تقدروا
تطردوها؟
_ خديني ليها علشان أشوف الروح
الوحشه دي.
158
_ تعالى معايه ،بس بالراحه، علشان
مايحسش بينا أبوها.
.................
القلوب متنوعة ، فيها قلوب كالجبل لاتهزها الأعاصير والرياح، بل تسقط عندما تصطدم بها، وقلوب كالنخيل والأشجار أصلها ثابت
والريح تميل برؤس النخيل وفروع الأشجار، وقلوب كالريشة تحملها
الرياح والعواصف وترمي بها أحياناً وتعود لتحملها مرة آخرى.
لواحظ مستلقية على فراشها تبكي، فقدت الإحساس بالحياة.
_ ياريت أموت وأرتاح من الغلب ده ياربي.
أبويا لا فاهمني ولا فاهماه ، زي مكنش
بنته ، حتى اللي إختاره قلبي، بيني مابينه
جبال بتعلى وتعلى .
تطرق الباب مصايب وتدخل.
_ إنت رجعتي تاني ياخاله، مش قلتي
مروحه.
_فيه ضيف جاي يشوفك.
لواحظ في دهشة وتعجب.
_ ضيف جاي ، لي أنا !مين ده؟
يدخل مرسال.
_ أنا خير جايلك في كل خير ياستي.
159
_ خير أيه ؟ وازاي تدخل اوضتي، اطلع بره.
مصايب
_ اسمعيه ياستي ، ده يبقى عبد
الضيف اللي عندنا وباين عليه
مبروك.
_ مش عاوزه أسمع حاجه، سيبوني
في حالي وروحي أنت ياخاله.
مرسال يقترب منها هامساً .
_ إسمعيني ، أنا جايلك من طرف حسن
_ حسن مين ؟ أنا معرفش حد بالإسم ده.
_ اتكلمي بالراحه اعملي معروف، حتفضحيني
أنا عبد حسن اللي بعتيله منديل مع السلوتي
_ منديل أيه؟
_مش حسن بعتلك منديل وكتبلك عليه
بدمه، ده عور نفسه عشان يكتبلك.
لواحظ يعود لها الهدوء ويتغير حالها من حزن لفرح وسعادة ، تلتفت
لمصايب
_ روحي هاتيلي اشرب ياخاله.ريقي ناشف.
تخرج مصايب
_ ودخلت هنا إزاي وحسن عامل أيه؟
_ اهدي ، حسن بخير، المهم الوليه
اللي معاك دي، فاهمه،اني جاي بدور
160
على روح شريره هنا .
_ روح أيه ؟ كلمني عن حسن؟
_ اعملي معروف رزي وياي
عشان الوليه دي ماتشكش
حسن هنا في الدار؟
_حسن في الدار؟
لواحظ تقع على السرير مغمى عليها، مرسال يحاول إفاقتها .
_ إعملي معروف فوقي ، مش وقته
حتودينا في داهيه.
لواحظ تفتح عينيها.
_ بتقول حسن هنا في الدار؟
_أيوه واهدي، حتكشفينا.
تدخل مصايب حامله كوب الماء ، تجد لواحظ في حالة غريبه.
_ مالك ياست لواحظ؟
مرسال
_ مفيش هي حست بدوخه شويه.
الروح جامده عليها .
بدأت لواحظ تفهم مرسال.
_ أيوه ياخاله، أنا دايخه خالص.
_ خدي بُق ميه وأنت حتفوقي.
مرسال
_ نروح للراجل المبروك تحت.
161
لواحظ.
_ مبروك مين ؟
مرسال ينظر لها بغيظ ويجز على أسنانه ويخبرها هامساً
_ الرجل المبروك اللي هو حسن.
_ هو فين؟
_ هو يوم مش معدي، وحتفضحينا
يهمس لها في اذنها
_ حسن في أوضة الضيوف تحت
_ في اوضة الضيوف فين، فيها
الشريف معتصم.
_ياستي ابوس ايدك يالا ننزل.
_ طيب حنشوف حيعرف يعالجني ولا لا.
مرسال ينظر لها بغيظ.
_ أخيراً فهمتي.
مصايب
_ ربنا يجعل على يده الشفا يابنتي.
يتسحب ثلاثتهم بهدوء، مرسال من الأمام وخلفه لواحظ ثم مصايب
ينزلان درجات السلم بهدوء،يصلون باب غرفة المضيفة.
مرسال محدثاً مصايب.
_أنا وانت خلينا هنا ، عشان الراجل
المبروك يعرف يعالجها.
مصايب
162
يبقى أحسن ، أنا جتتي بتترعش من
سيرة العفاريت.
مرسال مستغلاً جهل مصايب
_ كلامك صح، وممكن يطلع منها
يلاقيك قدامه، يدخل فيك أنت.
مصايب تبصق في صدرها.
_ الشر بره وبعيد.
..............
جعفر يغالبه الأرق ، يقوم من فراشه ويرتدي جلبابه .
_ أروح أشوف الضيف نام ولا لسه صاحي
واجب أطمن عليه.
يخرج جعفر من حجرته ، ينزل درجات السُلم.
................
مرسال ولواحظ ومصايب أمام غرفة الضيافة، لواحظ الخجل يقتلها
هي لم تتخيل تلك المفاجأة ولم تكن في حسبانها، مترددة في الدخول.
مرسال
_ ماتدخلي ياست لواحظ.
لواحظ تهمس في أذن مرسال .
163
_ أنا مش على بعضي، ومش مصدقه
نفسي.
مرسال
_ تلاقيك مكسوفه.
لواحظ تشجع نفسها وتحدث نفسها.
_ اتشجعي يابت ، ده حسن اللي
اتمنيتي تشوفيه بشحمه ولحمه
قدامك.
يدخل جعفر ويجد الثلاثة ويتعجب من وقوفهم.
_ واقفين كده ليه؟
مرسال ولواحظ يتبادلان النظرات وهما في حالة ذهول ، فلم يتوقعا
حضور جعفر.
مصايب
_ مش فيه روح وحشه.
قبل أن تُكمل مصايب كلامها قامت لواحظ بمحاولة إستدراك الموقف
_ أنا كنت فاكراك جوه يابا، وعارفه
أنك زعلانوواخد على خاطرك مني
جيت علشان أصلح غلطتي، ندهت من
بره، طلعلي الراجل ده، ولسه بقوله
فين أبويه ، أنت جيت.
عاد الهدوء لمرسال وعادت إليه أنفاسه التي تناثرت بقوة خارج فمه
جعفر
164
_ عين العقل اللي عملتيه ده ، اول
مره يطلع منك حاجه كويسه
تعالي علشان تراضي الضيف
................
أجمل الدموع ، دموع الحب، إن تلاقت مع من يمسحها، الكثير منا
يفضل أن يحب برؤية وعقل ولكن القليل من يفضل أن يحب بجنون
الحب يقهر الزمان ، يقهر الأيام، هو يخترق كل المعقول، له أجنحة
كثيرة لا تتوقف عن الطيران، العذاب قاسم مشترك في الحياة ، إن
أحببت تعذبت وإن لم تحب أيضاً سوف تكون في عذاب ، وأصعب
عذاب في الحب ، أن تحب بلا أمل.
يدخل جعفر المضيفة وخلفه لواحظ ومرسال، حسن ينهض بشكل
لا إرادي ، يغلبه التوتر، يحاول أن يتماسك
جعفر
_لواحظ بنتي جايه تراضيك ، علشان
ماتكنش واخد على خاطرك.
حسن ولواحظ يتبادلان النظرات في صمت ، غابا عن الحياة.
لواحظ وهي تنظر إليه وتحدث نفسها.
_ هو ده حسن ، يامحلاه، ومحلى جماله
أهو قدامك يابت يالواحظ ، ملي عنيك
منه.
لواحظ تتكلم مع حسن بلغة العيون.
165
_ نفسي أتكلم معاك ياحسن
وأقولك على كل اللي جوايا
حسن هو الآخر شطح بعيداً في الخيال.
_ اهي لواحظ قدامك ياحسن، بشحمها
ولحمها ، ياما نفسي أضمها لصدري
ياترى سمعاني يالواحظ وحاسه بيه.
لواحظ وكأنها سمعت كلام حسن الذي يردده داخل أعماقه.
_ سمعاك ياحسن ، حاسه بدقات قلبك
اللي باينه في عنيك الحلوه ديه
حاسه بنفسك طاير وداخل جوايه
جعفر
_أيه يابت يالواحظ، مالك اتسمرتي كده
أدخلي سلمي على الشريف معتصم
تقترب لواحظ من حسن وتمد يدها خلاف المرة السابقة التي
غطتها بشالها، تحسست يده وتحسس هو دفء يدها، تنظر
لعيني حسن وكأنها تقول له.
_ إيدك دافيه ياحسن ، دافيه قوي
نفسي أترمي في حضنك ياحسن
حسن يرد عليها
_ حاسس بحنان يدك يالواحظ
حبك نار قايده في قلبي
ينتبه حسن لنفسه ويخشى أن يلفت نظر جعفر.
166
_ إزيك ياست لواحظ.
لواحظ
_ أزيك أنت يا ...
كادت أن تتلعثم وتنطق حسن وتداركت الموقف.
_ إزيك ياشريف معتصم، اتشرفنا بيك.
لواحظ تسحب يدها من يدي حسن وتلتفت لأبيها.
_ عاوز حاجه مني يابا.
_ لا ، اطلعي أوضتك نامي.
تنظر لواحظ لحسن وهي تبتسم
_ تقعدوا بالعافيه.
تخرج لواحظ من الغرفة وهي في حالة نشوة وهيام، تجد مصايب
تقف امام الغرفة ، تحتضن مصايب بقوة.
_ أنا فرحانه ياخاله، فرحانه ياأحلي
مصايب في الدنيا.
_ ربنا يفرحك أكتر وأكتر يابنتي.
تحدث مصايب نفسها .
_ يبقى الراجل ده مبروك وطرد
الروح الوحشه، وكمان عجبها.
لواحظ تطير فوق درجات السُلم وهي في فرحة طاغية وتتجه لحجرتها
وتفتح الباب وترمي بنفسها على الفراش.
..................
167
من يخشى البلل لا يصطاد السمك ، هكذا هو حسن،هو لا يأمن الزمان
فقد كره خيانته، يتحدي الألم بعيون من يحب،يخوض المعارك وهي
الجالسة فوق كتفه، رؤية لواحظ أراحت حسن وجعلته أشد تركيزاً
وأكثر إقداماً، جعفر لا يزال مع حسن ومرسال في المضيفة ، شعر
بالراحة بعد تصرف لواحظ.
جعفر
_ أسيبكم تريحوا شوية والصباح
رباح.
_ اتفضل أنت ياعمي.
_ تقعدوا بالعافيه
_ الله يعافيك .
يخرج جعفر ويتنفس حسن بعمق ، لقد تمزق جدار الصمت وتحطمت
آهات الشوق بلقاء ساقه له القدر. قطع تفكير حسن، كلام مرسال.
_أديد شُفت لواحظ ياعم حسن
المفروض تدعيلي، لولاي ماكنتش
شُفتها.
_ أنا مش مصدق نفسي يامرسال
أنا حاسس أني طاير من الفرحه
معقوله، لواحظ كانت قدام عيني
ويدها في يدي ، حاسس أني بحلم
يامرسال.
يتكأ على الوسادة ويُغمض عينيه وسبقه مرسال.
168
.............
الفرحة شقت طريقها لقلب لواحظ،تحطمت أمامها كل أشباح الليل
ترى الليل بأللوان فضفاضة لم تتعودها، وكأن الملائكة حبست الليل
والشياطين،وقف الفرح على عتبة قلبها، كل مافي الحجرة متجدد
ومتغير،جاءتها الفرحة وهي على وشك الإنهيار، مصايب لم تفارقها
وعزمت على البيات من أجل الضيوف، مصايب سعيدة لسعادة لواحظ.
_ عجبك ياست لواحظ.
_ زي القمر ياخاله ، طول بعرض
وهيبه، وعنيه حلوه ياخاله.
مصايب تتحدث مع نفسها
_ الظاهر أنه مبروك بجد، البت خفت.
...............
في كل إنسان بحر أعماقه سحيقه، لو أمنك الغوص فيها لوجدت
الكثير.بشر أعماقهم مليئة بالدرر والألئ ، وأعماق بها حيتان
وأسماك القرش والأشواك ، اللزي واخته منيرة من أصحاب
الأعماق الأخيرة، الأعماق المظلمة التي لاترى النور.
لاشئ أجمل من لحظات النقاء والهدوء،صوت العصافير الذي
يخرج في الأفق شيئاً فشيئاُ مع نسمات الصباح الندية ، اللزي
على مائدة الإفطار هو واخته منيره، على المائدة بيض مقلي
169
ومسلوق وقطع من الجبن القريش وقصرية لبن رايب.
_ وديتي لليله فطارها.
_ أيوه ، المغدوره اللي إسمها حليمه
دخلتلها الفطار.
_ ابقى شوفيها محتاجه أيه هدوم
علشان أجيبها، ولا أقولك ،أبقى
أقولها أنا .
_ خلاص نويت تكتب عليها يوم
الخميس .
_ ايوه والحنه يوم الأربع.
منير من غير نفس.
_ ربنا يتمملك بخير ويهديها عليك.
......................
لواحظ تعيش حلم جميل، بخيال ممتع،تتمنى أن لا تستيقظ منه ،أو يتوقف الزمن ،لم تشعر أنها تركض وراء سراب ، تجمع من بستان
الحب كل زهور الأمل،هي تكره ساعة الرحيل الآتية ، لامفر منها
تتمنى أن لاتنتهي سعادتها بعد رحيل حسن من الدار،صباح آخر
تشعر به لواحظ، صباح تضحك فيه الحياة ويتلون كل الكون بألوان
وردية ، لواحظ مع مصايب أمام الفرن ، مصايب تقوم بإخراج
الفطير المشلتت ، تتناوله لواحظ وتضعه في سلة من الخوص
170
_ أنا عايزاك تعملي كل حاجه حلوه ياخاله.
_ حضرت له كل حاجه حلوه علشانك.
_ أيوه والنبي ياخاله ، حضري أحلى
حاجه.
تحدث نفسها
_ تلاقيه خويان ياحبة عيني.
_ قومي أنت حضري قصرية اللبن أكون خلصت.
_ حضرت قصرية اللبن وقصرية لبن رايب
وسلقت عشرين بيضه وقليت كمان عشرين
_ أيه دا كله ، دول نفرين وأبوكي.
_ ياكل اللي يقدر ياكله ياخاله.
..................
بعد كل ليل سرمدي يأتي نهار،وبعد كل ضباب أو سُحب داكنة
يأتي مطر يجلب الرزق والخير، كل إنسان يحصد مايزرع فليكن
حصادنا في الخير، فبعد البكاء فرحة وبعد الشقاء سعادة ، ليكن
إيمانك بالله وبنفسك قوياً، داخل المضيفة حسن ومرسال.
_ حيجي الفطار امتى؟
_ أنت بطنك لسه فيها مكان لفطار.
_ أنت عاوز الوكل اللي أكلناه عشيه
لسه فاضل في بطني،سيبني أعوض
171
و أفش نفسي في الأكل، ياعالم
حناكل الأكل تاني امتى، أنا مطمن
على فطار ، تعرف ليه؟
_ ليه يحزين؟
_ علشان لواحظ اللي حتعمله.
_ يادي بطنك اللي موديانا في
داهية يامرسال.
_ ياسيدي أنت شبعان علشان
شُفت لواحظ، سيبني أنا الغلبان
أشبع من الأكل.
يقطع حديثهم دخلول جعفر.
_ نوم العافيه يامغتصم ياابني.
_ الله يعافيك ياعمي.
_ يارب تكونوا نمتوا كويس.
الحمد لله.
مرسال
_ إحنا مستنيين الفطار.
حسن ينظر له بغيظ.
يحاول أن يتدارك تسرعه.
_ أنا بقول نفطروا علشان نمشوا؟
جعفر
_ حالاً الفطار جاي.
172
ليله مثال للحب والطيبة والتلقائية ، هي إمرأة لها شخصية ، تحاول
أن تتمسك بخيوط الأمل في واقع جامد وكريه، يشتد التيار عليها
وعاصفة اللزي قوية وكئيبة، تتمنى أن تنتهي تلك الأحداث الموجعة
وتصل لبر الأمان، الدوائر كثيرة في الحياة ولا تفرق بين البشر
هي عادله لاتعرف غني من فقير،كما تدور عليها الآن ، سوف تدور
عليهم في الغد،في حجرة ليله ، حليمه ترفع بقايا الطعام من على
المائدة وليله لا تزال جالسه أمام المائدة التي أفرغت حليمه محتوياتها
يدخل اللزي ويقترب من ليله ، ينظر لحليمه نظرة أدركت أنها تحمل
أمر من اللزي بالخروج من الغرفة، تخرج حليمه.
اللزي ببرود وتجبر وتكبر.
_عامله أيه ياليله؟
_ كويسه .
_ شوفي اللي عاوزاه من هدوم ودهب
وكل طلباتك قولي عليها لمنيره علشان
اجيبهالك ياعروسه، يوم الأربع الحنه
ويوم الخميس كتب الكتاب.
ليله ساخره
_ عروسه ، عروسة أيه؟ عروسه
مغصوبه على أمرها، قولي أنت
مرتاح كده.
_ أيوه مرتاح ياليله، لون كان قلبك
إختار غيري وماليش عليه سلطان
173
لكن حيبقالي سلطان على كل حته
من جسمك.
_ مش حتطول اللي في دماغك يالزي.
_ ومين يقدر يمنعني ، ماتكونيش فاكره
حسن ولا حمدان أخوك يقدروا يعملوا حاجه.
_ فيه ربنا اللي يقدر يعمل كل حاجه يالزي.
اللزي ينظر لها بكبر وتعالي ويتركها لأحزانها ويخرج.
................
كنا نحلم بحلم ، ونتخيل فارس للأحلام، ولكن في ظل إنسانية تائهة
ومغيبة تبدلت الأحوال واختفى فارس الأحلام ، ليأتي سارق الأحلام
رغم أن مدينة الأحلام شاسعة وواسعة وبلا حدود جغفرافية ولا جوازات
سفر أو تأشيرات دخول، هم تسللوا لها بلا رقابة ،إستغلوا عدم وجود
حراسة،جمعوا كل أحلامنا وامتلئت خزائنهم بأحلامنا ، وتركوا المدينة
خاوية ، كلما زرعنا فيها حلم سرقوه،في مضيفة جعفر ، مائدة إفطار
غير عادية أعدتها لواحظ ، فطير مشلتت غارق في السمن البلدي
جبنة قريش، وعسل أسود وبيض متنوع مابين مسلوق ومقلي
لبن ورايب ، مرسال يتناول فطاره بنهم ويداه تسبق فمه الذي
امتلأ حتى وجد صعوبة في المضغ والبلع،حسن يهمس في اذن
مرسال.
_ بالراحه يامرسال ،الوكل حيقف في زورك.
174
_ أنت نورت الدار يامعتصم يابني.
_ الدار منوره بحسك ياعمي .
_ ياريت تقدر تعتبر البيت بيتك.
_طبعاُ ياعمي بيتي وحنبقوا أهل
وليه زيارة قريبه مخصوص.
كلام حسن أسعد جعفر وأدرك من كلامه أن الزياره القادمة لخطبة
لواحظ وأن معتصم حيجي مخصوص علشان لواحظ .
_ البيت مفتوحلك في أي وقت يابني.
حسن
_ قولي ياعمي، فيه عندكم شيخ هنا
إسمه الشيخ أدم .
_ أيوه هو خطيب الجامع ، ماله يابني.
_ الراجل ده كان كل اسبوع يطلع بلد
ويدي دروس في الكتاب،أنا اتعلمت
منه القراية والكتابه وضربني بعصاته
كتير.
_ هو كبر دلوقت ياابني ، وبقى عضمه
كبيرة يادوب بيخطب الجمعه بالعافيه
وماعدش نافع لكتاب.
_ أنا لما أمشي من هنا ، حمر أسلم
عليه وابقى ابعت معايه حد لداره
ظهر الضيق وعدم الرضا من جعفر بعد الكلام عن الشيخ أدم
175
ولكنه لا يريد أن يتسبب في غضب معتصم ، ويحاول أن يرضيه
بسبب لواحظ.
_ بيته عند الجميزه اللي ورا القريوس
حبعت معاك مهران يدلك عليه.
بس ماتتكلمش معاه في حاجه
_ ليه ياعمي؟
_ هو مش راضي ببيع الأرض ليك.
_ أنا حسلم عليه وحمشي، ماعنديش
وقت اتكلم واتحدت.
ظهرت بوادر الرضا على جعفر .
انتهوا اللحظة من تناول الطعام والشراب وقام مهران بإزالة أثار مخلفات الطعام وقام بمسح المائدة، يهم حسن بالخروج ومعه مرسال
ويمشي معهم جعفر في الممر حتى باب القصر الكبير، اللزي وهارون
كانوا قادمين من أجل ضيفهم معتصم فوجدوه أمام باب الخروج
هارون
_ نورت الحاجر ياشريف معتصم.
_ البلد منوره بصحابها ياهارون.
اللزي
_ أنا تحت أمرك في أي حاجه تعوزها
وأي أنفار للزراعه.
_ تشكر ياسبع.
اثنان من الرجال أحدهما يمسك بجواد حسن والآخر يمسك بالناقة
176
حسن لهم
_ تشكروا على كرم الضيافه
يلتفت لجعفر
_ الجمل مني ليك هديه ياجناب الشريف.
جعفر
_ وأنا قبلت الهديه ، اقبل مني كمان
أنت هديتي.
يأمر مهران
_ هات الفرسه السمراء.
يقوم مهران بإحضار السمراء لحسن وسط ذهول هارون واللزي
فهذا الجواد من أفضل الخيول في بر المحروسه .
حسن
_ هديتك دي كبيرة ياعمي.
يركب حسن السمراء ويمتطي مرسال الجواد الآخر.
جعفر يأمر مهران بأن يذهب بهم لدار الشيخ أدم
يودعهم حسن وينطلق بصحبة مهران نحو دار الشيخ أدم وكأنه لا يعرفه، هارون واللزي في حالة فضول من زيارة الشيخ أدم.
هارون لجعفر
_ هو رايح يعمل أيه عند الشيخ أدم؟
جعفر
_ بيقولي ياسيدي انه هو اللي علمه
القراية والكتابه وهو صغير وراح يسلم عليه.
177
هارون
_ الراجل ده شهم ومن بيت أصول.
اللزي
_ يستاهل الحيازه، ويستاهل كل خير.
هارون
_ أنت تعرف زمام أرضه كد أيه دلوقت
أكتر من الفين فدان.
اللزي
_ يابوي ، كل ده.
جعفر
_ أنتوا حتحسدوه ، بينا ندخل جوه
» تطبيق وصفات طبخ
» تفسير الاحلام كاملا بالحروف
» تطبيق وصفات طبيعية للتجميل
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية