منتدى الفراعنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الفراعنة

منتدى أ/سمير حماية


المواضيع الأخيرة

» تطبيق لايف هاك تجارب ونصائح وأفكار منزلية
 استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Icon_minitime1الثلاثاء أبريل 19, 2022 7:25 pm من طرف hanan45

» تطبيق وصفات طبخ
 استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Icon_minitime1الخميس أبريل 14, 2022 5:57 pm من طرف hanan45

» تفسير الاحلام كاملا بالحروف
 استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Icon_minitime1الأحد أبريل 03, 2022 9:48 pm من طرف hanan45

» تطبيق وصفات طبيعية للتجميل
 استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Icon_minitime1الثلاثاء مارس 29, 2022 11:12 pm من طرف hanan45

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:36 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:36 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:35 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:35 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:32 am من طرف sabra group

التبادل الاعلاني


    استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء

    avatar


    تاريخ التسجيل : 01/01/1970

     استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء Empty استكمال للمصطلحات النفسيه للذكاء

    مُساهمة من طرف  الخميس نوفمبر 04, 2010 4:59 pm

    الذكاء(2)

    الذكاء مفهوم إفتراضي ؛ لذا كثر الجدل حول تعريفه ، لذلك أصبح من أكثر الميادين التي حظيت بالدراسة ، والبحث في مجال الفروق الفردية خصوصاً خلال القرن الماضى ، حيث أدت هذه البحوث إلى تطور سريع في قياس الذكاء ، وظهور اختبارته . بل ربما لم يحظ موضوع في ميدان الفروق الفردية مثل ما حظي به الذكاء . فقد كانت الدراسات الأولى في سيكولوجية الفروق الفردية تدور حول الفروق في الذكاء ، كما أن نشأة القياس النفسي وتطوره كانت في ميدان الذكاء ، حتى أن علماء النفس ظلوا لفترة طويلة يسلكون في بحوثهم كما لو كانت الفروق في الذكاء هي الفروق الوحيدة الموجودة بين الناس . ولما ثبت هذا الافتراض ، نقلت الطرق التي أتبعت في إعداد أختبارت الذكاء إلى إعداد أختبارات القدرات الأخرى ، وسمات الشخصية .

    وبالرغم من أن طبيعة الذكاء كانت موضوع مناقشة وتأمل لسنوات طويلة من رجال التربية ، وعلماء النفس ، والوراثة ، والاجتماع ، إلا أنه لم يوجد إتفاق تام بل لم يوجد تحديد واضح متفق عليه لمفهومه ومعناه . فالوضع بالنسبة لتعريفه ما يزال كما كان منذ خمسين عاماً تقريباً . ونظراً للتنوع والإختلاف في فهم طبيعتة فقد كان هناك بالضرورة أختلاف في كيفية دراسته وقياسه . وقد يرد سبب هذا الإختلاف على أنه ليس شيئاً مادياً محسوساً . كما أنه لا يقاس قياساً مباشراً ، على الرغم من كونه الأساس في أعظم ، وأفضل الإنجازات الإنسانية ، كما أنه الأساس في أسباب التقدم والحضارة ، والأبتكار . بالاضافة إلى أنه ليس بالقضية السهلة في غياب إتفاق بين علماء النفس حول تعريف القدرة ، فمنهم من عرفه من حيث وظيفته وغايته ، ومنهم من يعرفه من حيث بنائه وتكوينه . ومنهم من يعرفه بحسب وظيفته وغايته أمثال (جودرد و بينيه و تيرمان حيث عرفوه بأنه القدرة على التفكير المجرد .

    لذلك نجد العلماء قد تناولوه من زوايا وإتجاهات مختلفة وفيما يلي أهم الاتجاهات التي ظهرت منذ نشأة مفهومه وخلال تطوره والتي حاولت أن تقدم تحديداً وتفسيراً لطبيعته . فقد أشار بيرت إلى أن مصطلح الذكاء Intelligence يرجع إلى الكلمة اللاتينية Intelligentia ، التي أبتكرها الفيلسوف شيشرون .

    ولهذا فإن تناول النشاط العقلي لم يكن قاصراً على علماء النفس فقط ، وإنما تناوله الفلاسفة قبلهم . ولعل أول محاولة تناولت النشاط العقلي بالتحليل ، ترجع إلى أفلاطون . حيث فقد قسم النفس الانسانية إلى ثلاثة مكونات رئيسية هي العقل والشهوة والغضب . وتقابل هذه المظاهر في علم النفس الحديث الادراك وهو الذي يؤكد الناحية المعرفية لنشاط الانسان ، والانفعالات أو الوجدان وهو الذي يؤكد الناحية العاطفية ، والنزوع وهو الذي يؤكد الفعل . أما أرسطو ، فإنه قابل بين النشاط الفعلي ، وبين الإمكانية المحتملة ، التي يعتمد عليها في النشاط الفعلي . أما التقسيم الثلاثي لقوى العقل الذي قدمه أفلاطون ، فقد أختزله أرسطو إلى مظهرين رئيسيين الأول عقلي معرفي ، والثاني خلقي إنفعالي .

    أما شيشرون فقد قدم مصطلح الذكاء كتسمية لهذا النشاط العقلي ، حيث أعتبر العقل أو الذهن الخاصية المشتركة في الانسان ، والتي تميزه عن الحيوان . في حين أشار سبيرمان بأن الوظيفة الرئيسية للذكاء هي تمكين الإنسان من التكيف الصحيح مع بيئته المعقدة ، والدائمة التغير . وعلى الرغم من أن هذه التصورات الفلسفية قد أكدت أهمية الناحية الادراكية في النشاط العقلي ، إلا أن الأفكار التي ظهرت فيها لا يمكن الأخذ بها دون أخضاعها للدراسة العلمية ، التي تعتمد على التجربة والقياس .

    كما نجد أن هناك من ركز على نشاط النصفين الكرويين للمخ في تعريفه للذكاء . فقد أثبتت الدراسات الفسيولوجية التي قام بها سبينسر على أهمية التنظيم الهرمي التكاملي لوظائف الجهاز العصبي ، وهي تلك الوظائف التي تنبع من النشاط العقلي العام ، ثم تتشعب أثناء نموها إلى نواحيها المتخصصة المتنوعة . في حين نجد ثورنديك يحاول تفسيره في عبارات الوصلات ، أو الروابط العصبية ، التي تصل بين خلايا المخ فتؤلف منها شبكة متصلة . حيث يقدر ذكاء الانسان بقدر عدد الروابط . كما نجده يميز بين ثلاثة أنواع للذكاء وهي كالتالي أولاً الذكاء المجرد : وهو القدرة على معالجة الألفاظ والرموز . وثانياً الذكاء الميكانيكي : وهو القدرة على معالجة الأشياء والمواد العيانية ، كما يبدو في المهارات اليدوية الميكانيكية

    وثالثاً الذكاء الاجتماعي : وهو القدرة على التعامل بفاعلية مع الآخرين ، ويتضمن القدرة على فهم الناس ، والتعامل معهم ، والتصرف في المواقف الاجتماعية . كما يرى بأن الذكاء الإجتماعي يتغير تبعاً للسن والجنس والمكانة الإجتماعية . فالبعض يستطيع التعامل مع الراشدين ، بينما لا يستطيع التعامل مع الأطفال . كما أن البعض يجيد القيام بدور القيادة في الجماعات ، بينما يجد آخر الرضا والارتياح في أن يترك القيادة لغيره من الناس . كذلك يؤكد بعض العلماء على دور الذكاء في النجاح الإجتماعي ، حيث يرون أن النجاح في المجتمع يحتاج إلى نسبة عالية من الذكاء .

    في حين يعرفه جوداينف بأنه القدرة على الأستفادة من الخبرة للتوافق مع المواقف الجديدة ، ويعرفه بينتر بأنه قدرة الفرد على التكيف بنجاح مع ما يستجد في الحياة من علاقات . في حين تؤكد بعض التعريفات على أهمية التفكير ، وخاصة التفكير المجرد في تكوين الذكاء ومن أمثلته تعريف سبيرمان حيث يعرفه بأنه القدرة على إدراك العلاقات ، وخاصة العلاقات الصعبة أو الخفية ، والقدرة على إدراك المتعلقات . فعندما يوجد أمام الفرد شيئان فإنه يدرك العلاقة بينهما مباشرة ، وحينما يوجد شئ وعلاقته ، فان الفرد يفكر مباشرة في الشئ الآخر معه بهذه العلاقة . أما تيرمان فيعرفه بأنه القدرة على التفكير المجرد . ويعرفه كلاً من كهلر وويتمرز بأنه القدرة على الإستبصار . أما ثيرستون فيرى بأن الذكاء مكون من سبع قدرات عقلية أساسية وهي القدرة اللفظية ، الطلاقة الكلامية ، القدرة العددية ، القدرة على الإستدلال ، والقدرة على إدراك العلاقات المكانية ، القدرة على التذكر ، وسرعة الادراك .

    في حين يتناول هالستد الذكاء من جانب آخر حيث يميز بين أربعة عوامل رئيسية تظهر بوضوح من خلال نشاط لحاء الفصين الجبهيين في المخ وهذه العوامل هي أولاً عامل التجريد : ويتمثل في سلوك التجميع والتصنيف ، وهي القدرة التي يفتقدها المصابون باضطرابات مخية شديدة . ثانياً عامل التوجه الصحيح : ويتمثل في إدراك الاتجاه ، والذي يفتقده المصابون ببعض صور الخلل المخي مثل الأقازيا ( الحبسة أو فقدان النطق ) أو الأجنوزيا ( فقدان التعرف البصري على الأشياء ) ، أو الأبراكسيا ( فقدان القدرة على أداء الحركات المقصودة ) . ثالثاً عامل تنظيم الخبرة وتكاملها : وهو جوهرة القدرة على التذكر . رابعاً عامل القوة المخية : والذي يفتقده المصابون ببعض أضطرابات الأيض ، أو التغيرات الكيميائية التي تحدث في بروتوبلازم الخلية من حيث البناء والهدم .

    وهكذا ، نجد أن هؤلاء العلماء يحاولون الربط بين الذكاء ، وبين التكوين العضوي للكائن الحي . فالكائنات الحية تختلف في أمكانياتها السلوكية باختلاف موضعها في سلم الترقي للسلسلة الحيوانية . حيث إنه كلما زاد تعقد الكائن الحي تعقد جهازه العصبي ، و كلما زادت قدرته على التكيف مع البيئة تعلم أعمال جديدة . كما حاول البعض الربط بينه وبين بعض العوامل التي تعتبر نتاجاً للتفاعل الاجتماعي .

    لذلك نجد أنه على الرغم من أن بينيه يعتبر واضع أول مقياس للذكاء ، إلا أنه كما يقول بيترسون ، لم يضع تعريفًا محدداً له ، وإنما له بعض الآراء التي تعكس تصوره لطبيعتة . حيث ركز في تصوراته المبكرة على التذكر والتخيل ، ثم على الانتباه الارادي . إلا أنه تحول فيما بعد إلى التفكير أو عملية حل المشكلات ، وحدد في ذلك ثلاث خطوات هي الاتجاه ، و التكيف ، والنقذ الذاتي . ثم أضاف خطوة رابعة وهي الفهم . ويقول في وصفه للذكاء أن الأنشطة الأساسية في الذكاء هي الحكم والفهم والتعقل الجيد . وهكذا يتضح أنه يقدم وصفاً أكثر من تعريفاً له . ويتضح من أختياره لأختباراته أنه يرفض إعتبار الذكاء شيئاً واحداً ، وأنما هو مجموعة من العمليات أو القدرات ، على الرغم من أن أختباره يعطي درجة واحدة للنشاط العقلي للفرد .

    ولعل من أكثر التعريفات شيوعاً هو ذلك الذي كان يعتمد على ربط الذكاء بالقدرة على التعلم ، فقد كان واضحاً منذ بينيه ، أن الأفراد الذين يحصلون على درجات مرتفعة في أختبارات الذكاء ، يكون تحصيلهم أعلى من أولئك الذين يحصلون على درجات منخفضة . ويستدل البعض من هذا على أن الطفل يحصل على تحصيلاً مرتفعاً لأنه ذكي . وتحصيلاً منخفضاً لأنه أقل ذكاءاً ، ومن الأمثلة على هذه التعريفات تعريف كلفن للذكاء حيث يرى بأنها القدرة على تعلم التكيف مع البيئة . و تعريف ديربورن حيث يرى بأنها القدرة على إكتساب الخبرة والإستفادة منها . في حين يرى ادورد بأنها القدرة على تغيير الآراء .

    وقد أشارت بعض الدراسات إلى وجود إرتباط بين الذكاء والتحصيل ، ولكنه لا يمكن القول بأن الذكاء هو السبب الرئيسي في التحصيل ، وذلك أن العكس يمكن أن يقال أيضاً . إذ يمكن القول بأن التلميذ كان أداؤه على أختبار الذكاء أفضل ، لأنه تعلم بشكل أحسن ، أو أن أداءه كان ضعيفاً على الاختبار لأن تعليمه لم يكن جيداً ، فوجود الارتباط بين أي سمتين لا يوضح لنا أين السبب وأين النتيجة .

    كذلك كشفت بعض الدراسات إن درجات التعليم لا ترتبط ببعضها إرتباطاً عالياً ، إذا ما أختلفت الموضوعات المتعلمة ، مما يشير إلى عدم وجود قدرة موحدة للتعلم . وقد حاول البعض تفسير القدرة على التعلم بأنها سرعة التعلم . ألا أن بعض البحوث أثبتت أنه لا يوجد عامل واحد تسفر عنه عمليات التحليل العاملي ، ويمكن أن نفسره بسرعة التعلم .

    ومن الملاحظ أن كل التعريفات النفسية السابقة تعاني من أحد العيوب وهو أنها تحتوي على ألفاظ ومصطلحات غير محددة ، فمثلاً مصطلح القدرة في حد ذاته في حاجة إلى تعريف ، وهذا ينطبق أيضاً على مفهوم التكيف ، ومفهوم التفكير . لذا إتجه علماء النفس إلى التعريفات الاجرائية للذكاء . حيث أن التعريف الاجرائي لأية ظاهرة يؤكد على أهمية الخطوات التي تجري لجمع المعلومات المتصلة بالظاهرة ، أكثر مما يهتم بالوصف اللفظي المنطقي لهذه الظاهرة ، ومن العلماء الذين حاولوا تقديم تعريف إجرائي للذكاء أولاً : وكسلر حيث عرفه بقدرة الفرد الكلية لأن يعمل في سبيل هدف ، وأن يفكر تفكيراً رشيداً ، وأن يتعامل بكفاءة مع بيئته .

    ومن الملاحظ أن تعريفه لا يخرج عن التعريفات السابقة ؛ ولكنه جمع بينها أكثر ولم يركز على بعد واحد من أبعاد الذكاء ، أي أن تعريفه من أكثر التعريفات شمولية ، وقد حاول أن يقدم تعريفاً شاملاً يضم معظم جوانب التعاريف السابقة ، فقد رأى بأن الذكاء يمكن أن يظهر بأشكال متعددة وأعتبره بأنه كيان شامل وإجمالي ؛ حيث أن ما عناه بالقدرة الكلية العامة هو ذلك المركب المتمثل في تجميع قدرات متنوعة ، ومتمايزة في نوعها ، وهذا المركب ليس مجرد جمع عددي بسيط لتك القدرات ، بل الكيفية التي تتحدد فيها القدرات وتتشكل ، ويتأثر السلوك الذكي بهذه القدرات وبعوامل أخرى كالدوافع والحواجز . أي أن السلوك الذكي لدى وكسلر لا يتحدد فقط بالمهارات العقلية كالقدرة على الاستدلال ، أو القدرة على التعلم ، أو حل المشكلات ، بل يتحدد أيضاً بعوامل أخرى كالمثابرة ، والاثارة الذاتية ، والضبط الارادي ، ومعرفة الهدف .

    ثانياً : جاريت حيث قدم تعريفاً إجرئياً آخر للذكاء حيث عرفه بأنه القدرة على النجاح في المدرسة ، أو الكلية وقد دفعه إلى ذلك حقيقة هامة وهي أن درجات النجاح في الدراسة كثيراً ما أتخذت أساساً للحكم على صدق أختبارات الذكاء المختلفة ، غير أن هذا التعريف يحدد الذكاء في مجال واحد من مجالات النشاط الانساني في الحياة . ثالثاً : تعريف بورنج ، ويعتبر من أكثر التعريفات الإجرائية شيوعاً بين علماء النفس في الوقت الحالي و ينص على أن الذكاء هو ما تقيسه أختبارات الذكاء ، ومع ذلك فقد أثار هذا التعريف الكثير من الأعتراضات عليه ، وقد ساهم أستخدام منهج التحليل العاملي في أبحاث النشاط العقلي في أحداث الكثير من التطور ، كما أدى دوراً هاماً في تحديد القدرات التي يضمها مصطلح ذكاء . والمهم في هذا المجال أن دراسات التحليل العاملي تؤكد على حقيقتين هامتين هما أولاً الذكاء صفة وليس شيئاً موجوداً وجوداً حقيقياً ، وثانياً أن الذكاء محصلة الخبرات التعليمية وهذه الحقيقة تجاهلها الكثير من العلماء .

    وبطبيعة الحال فكما تعددت مفاهيم وتعريفات الذكاء كذلك فإن طرق تفسيره قد تعددت ، فهناك عدة نظريات للذكاء منها نظرية العاملين لسبيرمان حيث يرى بأن الذكاء ليس عملية عقلية معينة كالتذكر أو الاستدلال بل هو عامل عام أو قدرة عامة تؤثر في جميع العمليات العقلية بنسب متفاوته ، وهناك العامل الخاص والمتمثل في الاستعداد العقلي الخاص لأداء عمل معين ، كما يرى سبيرمان بأن خير الاختبارات لقياس الذكاء ما كان مشبعاً بالعامل العام أي الذي يتضمن أستنباط العلاقات والمتعلقات .

    وتقسم نظرية كاتل الذكاء الى نوعين هما الذكاء السائل ability Fluid والذكاء المتبلور Crystallized ability ويعتمد الذكاء السائل على المرونة والقدرة على التكيف لحل ما يواجه الفرد من مشكلات قد لا تكون مألوفة لديه وليس خبرة مسبقة عنها ، أما الذكاء المتبلور فيقصد به القدرة على أداء مهمات معينة يعتمد إنجازها على تدريب او تعليم مسبق ، يرتبط هاذين النوعين من الذكاء بالذكاء اللفظي والذكاء الأدائي الموجود في مقاييس وكسلر .

    وقد وضع جيلفورد وزملاءه نموذجاً ثلاثي الأبعاد لبنية العقل يحتوي على (120) نوعاً منفصلاً من القدرات العقلية تشمل معظم القدرات العقلية البشرية التي يمكن تحديدها وقياسها ، وكانت صياغة هذا النموذج محاولة لتعريف الذكاء العام ووضع تركيب له في استعدادات عقلية متنوعة ومحددة . ومن خلال منهج التحليل العاملي تمت محاولة التعرف والتصنيف لهذه القدرات العقلية المتنوعة . ويحدد جيلفورد في نموذج بنية العقل ثلاثة ابعاد اساسية يقوم عليها نشاط العقل البشري وهي المحتوى والعمليات والنواتج :

    أولاً : المحتوى وينقسم الى محتوى شكلي وهو عبارة عن شئ عياني ندركه من خلال الحواس كالمثيرات السمعية ، البصرية ، الشمية ، الذوقية ، اللمسية . ومحتوى رمزي يتضمن معاني ودلالة الألفظ والأفكار . ومحتوى سلوكي حيث يمكن الاستدلال على قدرات الفرد من خلال مظاهر سلوكه .

    ثانياً : العمليات وتتضمن خمسة أنماط من النشاط العقلي وهي:

    التذكر : القدرة على استدعاء البيانات الخزونة بنفس الشكل الذي خزنت به الاستجابة لمثير معين ،

    المعرفة : الإدراك الفوري والتمييز وفهم المنبهات . التقويم : اتخاذ أحكام بِشأن المعلومات في ضوء معايير محددة .

    النتاج التقاربي : القدرة على أخذ فئة معينة من البيانات واشتقاق نتيجة شاملة ومقبولة .

    النتاج التباعدي : القدرة الابتاكرية على رؤية بيانات معطاة في صورة جديدة بحيث يكون الناتج غريداً أو غير متوقع

    ثالثا: النواتج : ويتضمن الوحدات والفئات والعلاقات والانظمة والتحويلات والمضامين .

    وعلى الرغم من إختلاف وجهات النظر في طبيعة الذكاء وتشكله ، كما تعكسها التعريفات المتباينة ، إلا أن هناك شبه إتفاق على طرق قياسه وتقديره فاختبارات الذكاء تتكون عادة من أسئلة ومهمات تتطلب من المفحوص الإجابة عليها وأعتماداً على صحة الإجابة ودقتها وسرعتها ، تعطى هذه الإجابات قيماً رقمية تستخدم كأساس ؛ لتعريف مستويات مختلفة من القدرة العقلية . ونظراً لكون هذه الاسئلة والمهمات عينات من السلوك ، حيث يتطلب أداؤها ، شكلاً أو أكثر من أشكال الوظائف العقلية ، والتي تمثل أوجهاً مختلفة للقدرة العقلية ، فان الفرق بين أختبار وأخر من أختبارات الذكاء ، يكون بمقدار ما يتضمنه من أوجه القدرة المختلفة . كما قد تختلف هذه الاختبارات عن بعضها من حيث مقدار العناية والدقة التي تبذل في بنائها للوصول الى معايير وشروط فنية معروفة في بناء الاختبارات كصدق القياس وثباته

    وكنتيجة لتعدد تعريفات الذكاء فقد تعددت أيضاً المقاييس التي وضعت لقياسه . فكل مقياس جاء ليحقق التعريف الذي تبناه واضع ذلك المقياس . لذلك ظهرت هنالك مقاييس للذكاء أخذت بعضها الطابع الفردي بينما أخذت الطابع الجماعي بعضها الآخر . كما أن بعضها أشبعت بالعامل اللفظي ، وبعضها الآخر أشبعت بالعامل الإدراكي الحسي الأدائي ، في حين جمعت بين عاملي الأداء واللغة في بعضها الآخر . ومن أهم مقاييس الذكاء تتمثل في أولاً : مقياس ستانفورد ـ بينيه للذكاء ، ثانياً : مقياس وكسلر للذكاء ، و ثالثاً : بطارية كوفمان لتقييم الأطفال ، ورابعاً : مقاييس مكارثي للقدرات المعرفية للأطفال .

    حيث يقاس الذكاء بمقاييس تتكون بشكل عام من عدد من الأسئلة ، والمهمات الأدائية ، واللفظية ، والعقلية ، وتغطي مجالات واسعة من الخبرات التي يتعرض لها ، أو يفترض أن يكونوا قد تعرضوا لها أثناء حياتهم . وعموماً هناك أهمية محددة لقياس الذكاء وهي حساب درجة الذكاء ، وتصنيف الأفراد على أساس قدراتهم العقلية ، فضلاً عن أهميته في المجالين النظري والتطبيقي.

    ففي المجال النظري يشكل الذكاء من أهم مفردات حركة القياس النفسي اللازمة للوظائف الإدراكية للإنسان . أما في المجال التطبيقي حيث تستخدم مقاييس الذكاء على نطاق عالمي ، وبصورة أكثر تحديداً في مجالات التوجية ، والإرشاد التربوي ، ومجالات الإختيار ، والتدريب المهني ، وفي التشخيص ، والتشخيص الفارق في المجال العلاجي . بالإضافة لهذه المجالات تستخدم مقاييس الذكاء ؛ لتطوير البحث العلمي ، والتدريب الأكاديمي ، والميداني للطلاب . وتعتبر هذه المقاييس مفيدة في التقييم السيكولوجي لعملية التخطيط التربوي ، ووضع الأفراد في المكان الملائم ، والكشف على الأداء المعرفي الغير عادي الذي يرجع للقدرات العقلية النادرة والموهوبين ، وصعوبات التعلم البسيطة والمتوسطة والشديدة بين الأطفال ، والأطفال الذين لهم صعوبات تعلم محددة بالإضافة ؛ للتقييم الاكلينكي والنيورولوجي فضلاً عن البحث .

    الذكاء الاجتماعي.. شرط النجاح في الحياة الحديثة(3)

    يعرف الذكاء الاجتماعي بأنه القدرة على فهم الناس وتكوين علاقات اجتماعية ناجحة معهم، ويختلف عن الذكاء اللفظي أو المعنوي الذي يعرف بأنه القدرة على فهم واستخدام الرموز والألفاظ والمعاني وإدراكها بشكل فعال، ويختلف أيضاً عن الذكاء العملي الذي يظهر بشكل واضح من خلال المهارات العملية اليدوية الميكانيكية والتعامل مع الأشياء المادية المحسوسة، وهناك تعريفات عدة للذكاء الاجتماعي، فعلى سبيل المثال يمكن تعريفه بأنه القدرة على إدراك العلاقات الاجتماعية والتفاعل الجيد مع الناس، وحسن التصرف في المواقف الحياتية اليومية والأوضاع الاجتماعية المختلفة والقدرة على التكيف معها، مما يؤدي إلى شعور الفرد بالتوافق الاجتماعي ويعمل على نجاحه في الحياة الاجتماعية، ايضاً يمكن أن يعرف بأنه حسن التصرف في المواقف الاجتماعية، والقدرة على التعرف إلى الحالة النفسية للمتحدث والقدرة على تذكر الأسماء بما فيها الأشخاص والأماكن، والقدرة على تمييز الوجوه وسلامة الحكم على سلوكيات البشر والقدرة على مشاركة الناس في مختلف المناسبات الاجتماعية بما فيها أفراحهم وأتراحهم. وللذكاء الاجتماعي مظاهر عامة، نستطيع من خلالها تمييزه، وتتلخص أهم هذه المظاهر في أمور عدة أهمها: النجاح الاجتماعي، ويشمل النجاح في التعامل مع الآخرين والقدرة على فهمهم والتواصل معهم، وكذلك النجاح في الاتصال الاجتماعي مهنيا وإداريا. الكفاءة الاجتماعية، وتتضمن السعي لتحقيق الرضا في العلاقات الاجتماعية، وتحقيق التوازن المستمر بين الفرد وبيئته الاجتماعية لإشباع الحاجات الشخصية والاجتماعية. التوافق الاجتماعي، بمعنى تحقيق السعادة مع الآخرين والالتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة القيم والمعايير الاجتماعية والامتثال لأهم قواعد الضبط الاجتماعي وتقبل التغير الاجتماعي والتفاعل السليم والعمل لمصلحة الجماعة وتحقيق السعادة الزوجية، مما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية. المسايرة، بمعنى الالتزام سلوكيا بالمعايير الاجتماعية في المواقف والمناسبات الاجتماعية. مراعاة الذوق العام للمجتمع، وتشمل اتباع سلوكيات مرغوبة اجتماعيا والتعامل السليم واللبق مع الآخرين من خلال تطبيق أساليبه وفنياته.

    أما مظاهره الخاصة فتتمثل في: حسن التصرف في المواقف الاجتماعية، من خلال التصرف السليم والتحلي باللباقة والالتزام بالمعايير الاجتماعية في المواقف الاجتماعية العامة ومواقف التفاعل الاجتماعي والمعاملات دون احراج الفرد وإحراج الآخرين ودون اللجوء إلى الكذب والنفاق. التعرف إلى الحالة النفسية للآخرين، بمعنى القدرة على تمييز الحالة المزاجية للأشخاص من خلال طريقة تحدثهم وتصرفهم، كما في حالة الفرح أو الحزن أو الغضب أو الثورة. القدرة على تذكر الأسماء والوجوه، وتشمل اهتمام الفرد بالآخرين وقدرته على تذكر وجوههم وأسمائهم. روح الدعابة والمرح، وتشمل القدرة على فهم النكتة من خلال الاشتراك مع الآخرين في مرحهم ودعابتهم وظهور علامات المحبة والألفة المتبادلة مع الآخرين.

    وأخيراً فإن من أهم واجبات الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام العمل على رعاية الذكاء الاجتماعي وتنميته لدى الأطفال والبالغين من الشباب، عن طريق تعليمهم مهارات التصرف الاجتماعي الذكي والسليم في كافة المواقف من خلال تطبيق المعايير السليمة والقيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية، عن طريق تدعيم المظاهر العامة والخاصة للذكاء الاجتماعي من خلال عقد الدورات والبرامج الاجتماعية المتميزة والتي تختص بهذا النوع من الذكاء.

    مشكلة اسمها "الذكاء الاجتماعي"!(4)

    عنوان هذا المقال يستهدف بالدرجة الأولى استفزاز القارئ الذي تعلم طول حياته أن الذكاء الاجتماعي ميزة وليست مشكلة، والذي يرى كل يوم كيف يصعد أولئك الأشخاص الذين يمتلكون القدرة على بناء العلاقات الاجتماعية مع علية القوم ويحصلون على الكثير من الميزات بسبب ذلك، رغم أنهم أحيانا لا يملكون أي مهارات أخرى، بينما يهبط أولئك الأشخاص الذين قد يمتلكون كل المهارات إلا القدرة على بناء حديث جميل وجذاب ومرح مع الآخرين، ويكون دمهم الثقيل سببا في فشلهم ومحدودية تطور حياتهم العملية، بل والشخصية أيضا.

    الذكاء الاجتماعي ميزة ولا شك، ولكن إذا كان صحيحا ما يقوله الناس من أن القدرة الناجحة على بناء العلاقات هي البوابة الوحيدة للنجاح في مجتمعنا فنحن أمام مشكلة حقيقية، وهذه المشكلة ترى آثارها في كثير من قصص الفشل الإدارية أو المهنية. المشكلة هنا عندما يتم منح منصب معين أو مسؤولية معينة لشخص لا يمكنه فعلا القيام بها، ولكنه فاز بهذه الثقة فقط بسبب قدراته الاجتماعية المميزة، وهذا يعني أن تجد مديري شركات ورؤساء لجان ومسؤولين حكوميين قادرين على بناء علاقات اجتماعية قوية ولكن قدرتهم الحقيقية على التفكير والتخطيط والعمل الجاد والدؤوب محدودة جدا، الأمر الذي يمثل في كثير من الأحيان الخطوة الأولى نحو الفشل.

    بل إنك لو راقبت الأمر لوجدت أن كثافة العلاقات الاجتماعية تتناقض في كثير من الأحيان مع النجاح في العمل، وباستثناء بعض المناصب والمهن، فإن النجاح في العمل يتطلب الاستفادة من كل دقيقة وقت في إنجاز العمل، وهذا يتعارض من متطلبات العلاقات الاجتماعية عادة التي تعني قضاء وقت طويل على الهاتف أو في المناسبات الاجتماعية والسهر حتى وقت متأخر من الليل .. إلخ.

    حل هذه المشكلة متمثل ببساطة في ألا يتم اختيار الناس للمسؤوليات على أساس قدراتهم في إقناع الآخرين بتميزهم وعدم الاعتماد فقط على المقابلة الشخصية، بل تكون هناك قائمة من المهارات والمتطلبات التي تحدد الشخص المناسب للوظيفة.

    علم الإدارة الحديث، الذي كان أحد أهداف إيجاده علاج مثل هذه المشكلات، يحاول وضع منطق لكل قرار إداري يتخذ، وقرار تعيين شخص ما يفترض أن يكون مربوطا بأهداف محددة ينبغي على هذا الشخص إنجازها، وهذا مرتبط بمجموعة من المهارات والخبرات التي يجب أن يمتلكها الشخص، التي ينبغي رسم مجموعة من الاختبارات والأساليب لمعرفة مدى توافرها لدى الشخص المرشح للوظيفة أو المسؤولية.

    إذا التزم صانع القرار بهذه الأساليب العلمية في اختبار المرشحين، فهو سيختار بطبيعة الحال أفضل المتقدمين للوظيفة، وليس الشخص الذي يملك "الكاريزما", والذي نال إعجابه وميله القلبي وأقنعه بأنه يستطيع تحويل التراب إلى ذهب لو منح الفرصة اللازمة لذلك.

    هل هذا الموضوع جوهري فعلا بحيث تخصص له مقالة كاملة؟

    في اعتقادي الجواب نعم لسببين رئيسيين:الأول أنني أعتقد أن هذه القضية تمثل سببا رئيسيا لفشل كثير من المؤسسات في القطاعين العام والخاص. إننا جميعا ندرك قيمة الإدارة في نجاح أي مؤسسة، وكلنا رأى يوما مؤسسة تملك كل مقومات النجاح فشلت بسبب مدير لا يدير بالطريقة الصحيحة.

    الثاني أن هناك عددا لا يحصى من القدرات الشابة والنابغة في مختلف المجالات ولا يتاح لها الفرصة للعطاء والنمو بسبب ضعف قدراتها الاجتماعية وبسبب شخصياتها المباشرة أو غير الاعتيادية. في الحقيقة لو راقبت ستجد أن معظم المتفوقين دراسيا لا يملكون مهارات اجتماعية عالية، لأن قضاء نسبة عالية من الوقت في التحصيل العلمي يتنافى مع قضاء نسبة عالية من الوقت مع الأصدقاء والأقرباء وتعلم المهارات الاجتماعية.

    إنني أتمنى أن تكون هناك مؤسسة غير ربحية يشارك في أنشطتها مجموعة من الخبراء في مجال الموارد البشرية التي تعمل مع مختلف المؤسسات على علاج مثل هذه المشكلة العويصة وتطوير أنظمة اختيار الموظفين وترقيتهم ومنحهم المسؤوليات، ووضع الأسس العلمية لذلك.

    المشكلة التي ستواجهها هذه الجهود أيا كان مصدرها أن كثيرا من المديرين الحاليين في المؤسسات الخاصة أو الحكومية وصلوا إلى كراسيهم بسبب قدراتهم الاجتماعية وليس بسبب خبراتهم أو كفاءاتهم، ما يعني ببساطة أن هؤلاء سيكونون أول من يحارب جهود التطوير الإداري لمؤسساتهم وأول من يحارب هذا التغيير.

    هذه المشكلة ليست مشكلة جديدة بالمناسبة، فقد كان العرب دائما يكرهون "الثقلاء" ويعشقون "من تحلو منادمته"، وقصص الخلفاء في هذا كثيرة جدا عندما يقربون أشخاصا لقدرتهم على كسب قلب الخليفة، ويبعدون أشخاصا لأن حديثهم يجلب النعاس إلى عيونه.

    حتى حل هذه المشكلة، أنصح الجميع بإعطاء قدراتهم الاجتماعية أولوية خاصة، فهي كما يبدو خلطة النجاح بلا منازع.

    الذكاء العاطفي: بين النظرية والتطبيق(5)

    إن العلاقة ما بين العقل (الفكر) والعاطفة ملتبس عند الكثير من الناس إلى حد كبير.

    يعتقد الكثير من الناس أن التفكير الجيد لا يستقيم إلاّ بغياب العاطفة. من المؤكد أن العواطف القوية تلعب دورا كبيرا في التفكير بصورة سليمة وتجعله من الصعوبة بمكان. وهذا ما حدا بالعقلانيين أن يجعلوا غياب العاطفة عن التفكير عقيدة لهم. ومع هذا وذاك تظهر لنا التجارب الإكلينيكية أن التفكير الخالي من العاطفة لا يؤدي بالضرورة إلى اتخاذ قرارات مرضية إن لم يكن مستحيلا. إن المشكلة لا تكمن في العاطفة في حد ذاتها بقدر ما تتعلق بتناسب العاطفة وملاءمتها للموقف وكيفية التعبير عنها. فليس المطلوب هنا تنحية العاطفة جانبا بقدر محاولة إيجاد أو خلق التوازن بين التفكير العقلاني والعاطفة.

    منذ إصدار دانيال قولمان Daniel Goleman كتابه الأول (1995)، أصبح مصطلح "الذكاء العاطفي" من أهم المواضيع انتشارا وتداولا بين دوائر الشركات العالمية الكبرى وكذلك نال نفس الاهتمام على مستوى المؤسسات التعليمية إن كان في الجامعات أو في المدارس. وانتقلت العدوى إلى معظم الأقطار العربية فسرعان ما عقدت الندوات وورش العمل وبرامج التدريب والترجمات وما إلى ذلك من نشاطات ترافق كل صرعة جديدة دون دراسة أو تمحيص. ومن هذا المنطلق وقد عاد الكلام عن الذكاء العاطفي مرة أخرى أود هنا أن أتطرق باختصار إلى السياق التاريخي لتطور فكرة الذكاء العاطفي وما هو الذكاء العاطفي ضمن هذا السياق وما هي عناصره أو مكوناته وأهميته بالنسبة لمكان العمل والدرس.

    للذكاء العاطفي جذوره الممتدة في مفهوم "الذكاء الاجتماعي" الذي أول من عرفّه روبرت ثورندايك Robert Thorndike (1920). ومنذ ذلك التاريخ وعلماء النفس يحاولون إزاحة الستار عن أنواع الذكاء التي صنفوها تحت ثلاث مجموعات:

    o الذكاء المجرد (القدرة على فهم الرموز اللفظية والرياضية والقدرة على التعامل معها)

    o الذكاء الحسي ( القدرة على فهم الأشياء الحسية أو المادية والقدرة على التعامل معها)

    o الذكاء الاجتماعي (القدرة على فهم الناس والانتماء لهم)

    وقد عرّف ثورندايك "الذكاء الاجتماعي" بالقدرة على فهم الأفراد (نساء ورجال وأطفال) والتعامل معهم ضمن العلاقات الإنسانية.

    أما دافيد ويكسلر David Wechsler (1940) فقد عرّف الذكاء بالقدرة الشاملة على التصرف وعلى التفكير بعقلانية وعلى التعامل مع البيئة المحيطة بفاعلية. وتحدث كذلك عن عناصر عقلية وغير عقلية المعنية بالعوامل العاطفية والشخصية والاجتماعية. وفي سنة 1943 قال ويكسلر بضرورة القدرات العاطفية لتنبؤ قدرة أي شخص على النجاح في الحياة. وانقطع حبل التفكير والبحث حول هذه المسألة حتى ظهر هوارد قاردنرHoward Gardner (1983) في كتابه "أطر العقل" الذي أشار فيه إلى الذكاء المتعدد وبالتحديد أشار إلى نوعين من الذكاء يتقاطعان مع ما يسمى بالذكاء العاطفي وهما: الذكاء الاجتماعي والذكاء الشخصي. ومن ثم في سنة 1990 استخدم سالوفي ومايرSalovey and Mayer مصطلح "الذكاء العاطفي" لأول مرة. وكانا على دراية تامة بما سبق من عناصر الذكاء غير المعرفي. لقد وصفا الذكاء العاطفي على أنه نوع من الذكاء الاجتماعي المرتبط بالقدرة على مراقبة الشخص لذاته ولعواطفه وانفعالاته ولعواطف وانفعالات الآخرين والتمييز بينها واستخدام المعلومات الناتجة عن ذلك في ترشيد تفكيره وتصرفاته وقراراته. وفي أوائل التسعينيات من القرن العشرين أصبح دانيال قولمان على دراية بأعمال سالوفي وماير مما دفعه إلى وضع كتابه الشهير "الذكاء العاطفي".

    كل التعريفات الواردة في كل الدراسات السابقة تجمع على معنى للذكاء العاطفي ويمكن تلخيصه في التعريف التالي: "الذكاء العاطفي هو الاستخدام الذكي للعواطف. فالشخص يستطيع أن يجعل عواطفه تعمل من أجله أو لصالحه باستخدامها في ترشيد سلوكه وتفكيره بطرق ووسائل تزيد من فرص نجاحه إن كان في العمل أو في المدرسة أو في الحياة بصورة عامة"

    عواطفنا تنبع من أربعة أبنية أساسية هي:

    1. القدرة على الفهم الدقيق والتقدير الدقيق والتعبير الدقيق عن العاطفة 2. القدرة على توليد المشاعر حسب الطلب عندما تسهل فهم الشخص لنفسه أو لشخص آخر

    3. القدرة على فهم العواطف والمعرفة التي تنتج عنها

    4. القدرة على تنظيم العواطف لتطوير النمو العاطفي والفكري

    وكل واحد من هذه الأبنية السابقة يساعد على تطوير المهارات المعينة التي تشكل معا ما يسمى "الذكاء العاطفي". إن الذكاء العاطفي ينمو ويتطور بالتعلم والمران على المهارات والقدرات التي يتشكل منها. أما المكونات والعناصر التي تشكل الذكاء العاطفي كما لخصها دانيال قولمان هي كما يلي:

    الوعي الذاتي Self-awareness وهو القدرة على التصرف والقدرة على فهم الشخص لمشاعره وعواطفه هو وكذلك الدوافع وتأثيرها على الآخرين من حوله.

    ضبط الذات Self-control وهو القدرة على ضبط وتوجيه الانفعالات والمشاعر القوية تجاه الآخرين.

    الحافز Motivation وهو حب العمل بغض النظر عن الأجور والترقيات والمركز الشخصي.

    التعاطف Empathy وهو القدرة على تفهم مشاعر وعواطف الأخرين وكذلك المهارة في التعامل مع الآخرين فيما يخص ردود أفعالهم العاطفية.

    المهارة الاجتماعية Social skill وهي الكفاءة في إدارة العلاقات وبنائها والقدرة على إيجاد أرضية مشتركة وبناء التفاهمات.

    ونتيجة لهذا الاهتمام الواسع تم تطوير برامج تدريب تبين العلاقة المبدأية التي تربط الذكاء العاطفي بأماكن تواجد العاملين وتهتم بتعليمهم المفهوم وتقييم نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم وتزويدهم بإطار يرفع من قدرتهم على التفاعل مع الآخرين بواسطة استخدام الذكاء العاطفي.

    أهمية الذكاء العاطفي بالنسبة للعمل تعود إلى عهود مضت حتى إلى ما قبل أن يحدد هذا المصطلح وينتشر بهذا القدر. كان التربويون والمهتمون بتطوير الموارد البشرية والمدربون في الشركات والمهتمون بالتوظيف والمديرون وآخرون يدركون ما هو الحد الفاصل بين الموظف العادي متوسط الأداء والموظف المتفوق في الأداء. إن الفرق بين الإثنين ليس المهارات الفنية التي يمكن اكتسابها وتعلمها بسهولة وليس بالضرورة أن يكون الذكاء هو ما يميز بين أداء وآخر. إنه شيء آخر يعرفه الشخص إذا رآه بنفسه ويصعب تحديده في نفس الوقت. إنه المهارات الشخصية.

    وجاء الذكاء العاطفي المصطلح الموضوعي الذي يتكون من قدرات ومهارات يمكن قياسها ولم تعد مهارات فضفاضة ومطاطة لا يمكن قياسها. فمثلا لو تمعنا في الدور الذي يمكن أن تلعبه العواطف في مكان العمل لتبين لنا الأهمية التي ينطوي عليها فهم عواطفنا وكيفية التعامل معها في الوقت المناسب.

    فلنأخذ مشاعر الخوف والقلق كمثال. لو كان شخص يعمل في أحد المصانع وقررت إدارة المصنع يوما زيادة سرعة الإنتاج لظروف موضوعية. عندئذ، يتعين على هذا الشخص أن يعمل بأسرع مم تعود عليه في السابق مع المحافظة على نفس نوعية الإنتاج. فإذا كانت السرعة المطلوبة معقولة يمكن أن يكتفي العامل بإطلاق تنهيدة ويوطد نفسه على أن يكون أكثر انتباها وحرصا. أما إذا زادت السرعة أكثر فأكثر إلى درجة تجعل العامل يشعر بعدم القدرة على مجاراة هذه السرعة، عندئذ، يبدأ القلق والخوف. يقلق حول ارتكاب أخطاء أو حول الإصابة بمكروه. ولكن بإمكانه أن يضبط ذلك القلق ويضعه جانبا أو يتجاهله وينتبه للعمل ويسير كل شيء على ما يرام. أما إذا أصر على القلق والخوف فترتكب بعض الأخطاء أو قد تؤذي نفسك نتيجة الارتباك وتفقد الوظيفة.

    أما أهمية الذكاء العاطفي في المدرسة فهي واضحة وظاهرة في الأبحاث التربوية المرتكزة على أبحاث الدماغ والتي تشير إلى أن الصحة العاطفية أساسية وهامة للتعلم الفعاّل. فلعل أهم عنصر من عناصر نجاح الطالب في المدرسة هو فهمه لكيفية التعلم. فالعناصر الرئيسة لمثل هذا الفهم كما ذكرها دانيال قولمان هي: الثقة،وحب الاستطلاع، والقصد، وضبط الذات، والانتماء، والقدرة على التواصل، والقدرة على التعاون. فهذه الصفات هي من عناصر الذكاء العاطفي. لقد برهن الذكاء العاطفي على أنه متنبئ جيد للنجاح في المستقبل أكثر من الوسائل التقليدية مثل: المعدل التراكمي، أو معامل الذكاء ودرجات الاختبارات المعيارية المقننة الأخرى. من هنا جاء الاهتمام بالذكاء العاطفي من طرف الشركات الكبرى والجامعات والمدارس على مستوى العالم أجمع.

    وباختصار، إن بناء الذكاء العاطفي لأي شخص له أكبر الأثر عليه طيلة حياته. فالعديد م الآباء والتربويين عندما انزعجوا في الآونة الأخيرة من مستويات المشاكل التي يصادفها طلاب المدارس التي تتراوح من احترام الذات المنخفض إلى سوء استعمال المخدرات والكحول إلى الإحباط، لجؤوا بكل قوة إلى تعليم الطلاب المهارات الضرورية للذكاء العاطفي. وكذلك الأمر في الشركات الكبرى التي وضعت الذكاء العاطفي في برامج التدريب ساعدت الموظفين وجعلتهم يتعاونون بصورة أفضل من ذي قبل وطورت حوافزهم مما أدى إلى زيادة الإنتاج والأرباح. ومن هنا يجب اعتبار الذكاء العاطفي بمكوناته وعناصره وسيلة ثالثة بالإضافة إلى المهارات الفنية والقدرات العقلية (المعرفية) عند التوظيف أو التطوير أو الترقيات إلى آخر هذه المهمات.

    الذكاء الاجتماعي الإلكتروني(6)

    قبل أن نخوض في حيثيات الموضوع دعونا نعرف ماذا يعني »الذكاء الاجتماعي« أو مايطلق عليه بالانجليزية »Interpersonal intelligence« والتي تعني القدرة التي يملكها الفرد على التواصل مع الآخرين. والاشخاص الذين يتميزون بجاذبية خاصة (الصفة الكارازماتية)، من القياديين, يمتلكون هذه القدرة. يقول جاردنر: »إن الذكاء في العلاقات المتبادلة بين الناس هو القدرة على فهم الآخرين، وما الذي يحركهم، وكيف يمارسون عملهم، وكيف نتعاون معهم«من مقالة بعنوان الذكاء المتعدد».

    وعودة لعنوان المقال والمحور الأساسي فيه وهو كيف يمكن أن نعزز الذكاء الاجتماعي إلكترونيا؟! فمن المؤكد أننا مررنا بأشخاص في الحياة العامة يتميزون بذكاء اجتماعي عالي جدا ولديهم قدرة على فهم الآخرين والتعامل معهم بطريقة يستطيعون من خلالها كسبهم. ولكن هل يمكن لذات الأشخاص أن يكسبوا الآخرين إلكترونيا أو هل لديهم المهارات اللازمة لفهم الآخرين من وراء الشاشات والقدرة على التعامل معهم وتحقيق رغباتهم؟

    نشك في ذلك!! فمهما بلغت قدرة الشخص وجاذبية شخصيته لابد وأنه سيجد صعوبة في فهم الطرف الآخر وتلبية احتياجاته... وذلك لأنه ببساطة غيبنا وجود العامل الفيزيائي في العلاقة (وهو عامل الوجه لوجهه) واستبدلناها بعامل إلكتروني صارم لايعرف إلا الأصفار والواحدات في التعامل.

    ومهما حاول صاحب الذكاء الاجتماعي فهم الآخرين إلكترونيا سيصاب بالإحباط أحيانا وبخيبة الأمل أحيانا أخرى ذلك لأن عوامل تعزيز الذكاء الاجتماعي مفقودة وليست معدومة ì ونعني بفقدها أنها أصبحت أضعف وليست ذات تأثير كما كانت في السابق!

    وحتى لا نقطع الأمل على أصحاب الذكاء الاجتماعي نقول لهم يمكن تعزيز قدراتكم الاجتماعية إلكترونيا وذلك بابتداع طرق جديدة في التعامل مع الآخرين في هذا الفضاء الإلكتروني .. وهذه الطرق بحاجة لبحث دقيق ومعايير تقييم واختبارات واستنتاجات (يبدو أننا دخلنا في متاهات البحث العلمي) لدراسة مدى فاعليتها.

    فإلى أن تظهر مثل هذه الدراسات نتمنى لكل من وهبه الله خصلة الذكاء الاجتماعي أن يحافظ عليها ويعززها.

    الذكاء الاجتماعي(7)

    ساكن الأرض الأول لم يكن فرداً... فعندما شاءت الإرادة الإلهية وحكمت بسكنى بني آدم

    الأرض كان ذلك بنزول سيدنا آدم وحواء إليها مجتمعان... نواة مجتمع إنساني...

    وعندما نزلا، لم تكن الأرض جرداء فارغة، بل كانت تزخر بأنواع الحياة النباتية والحيوانية... مجتمعات من خلق الله...

    وعندما خلق الله عز وجل الإنسان خلقه من جنس الأرض التي سيسكن فيها ويعمرها... من ماء وتراب...

    علاقة مدهشة بين الإنسان والأرض لو تأملنا فيها... حال الأرض العطشى وحال الإنسان الظمئ...

    علاقة الإنسان بمسقط رأسه... حنينه إليه، وكأنه يحن إلى أرض نبت فيها وترعرع، امتزج ماؤها وترابها وهواءها بكل خلية من خلايا جسمه... لا يمكن أن تجد إنساناً على وجه البسيطة لا يحب أن يرتبط بأرضه التي نشأ بها،ويحن للتواصل معها...

    التواصل الإنساني :

    التواصل الإنساني تاريخ ممتد من لدن آدم عليه السلام، لا ينقطع إلا بزوال الأرض ومن عليها، في أي مكان من العالم سكنت، وفي أي بيئة من البيئات نشأت، وأي نوع من الأفراد كنت، حياتك رهن قدرتك على التواصل مع عالمك الخارجي..

    طفلاً... شاباً... يافعاً... شيخاً... رجلاً... امرأة ... موظفاً... رب عمل... قائداً... تابعاً... رجل أعمال... عامل... مديراً... إنساناً بسيطاً... مزارعا... راعياً... عالماً... متعلماً... أباً... أماً.... في الحضر، في البدو... مهما تكن، طالما تتمتع بصبغتك الإنسانية التي كرمك الله بها فنجاحك وفشلك في الحياة رهن قدرتك على التكيف مع العالم الذي تعيش فيه.

    يمكننا أن نتواصل مع كل ذرة من ذرات هذا الكون وبلا حدود..

    والله عز وجل أكرمنا بأنواع من التواصل لا حدود لها، وجعل في داخلنا من القدرات التواصلية ما لو اطلعنا عليها لذهلنا... ففي أي مكان وجد الإنسان يمكنه أن ينشئ علاقة تواصل مع ما حوله حتى في حالات الصمت... التأمل... هو في تواصل مع الكون... مع معجزات الله في الكون... في حالات الركون إلى الذات هو في تواصل مع نفسه، وفي السراء والضراء، في كل لحظة في تواصل مع خالقه...

    لغات التواصل :

    ولغات التواصل متنوعة، فليست اللغة المحكية، وإن كانت أكثر لغات التواصل وضوحاً وسهولة بين بني البشر، هي اللغة الوحيدة التي يتواصل بها الإنسان مع عالمه الخارجي، لغة الجسد أيضاً من لغات التواصل الإنساني التي كثر الحديث حولها والتي يرى الخبراء أنها تشكل أكثر من 93% من لغة التواصل الحقيقية.

    سخر الله لنا الكون بكل ما فيه من عناصر روحانية وخلق فينا جهاز استقبال وإرسال لهذا النوع من التواصل فريد... بل مذهل!

    هناك لغة تواصل قد تكون أكثر لغات التواصل تأثيراً على الإنسان وهي اللغة الروحانية، لغة المشاعر والأحاسيس... فكما سخر لنا الله الكون بكل ما فيه من موارد مادية، سخره لنا بكل ما فيه من عناصر روحانية وخلق فينا جهاز استقبال وإرسال لهذا النوع من التواصل فريد... بل مذهل! إلا أن هذه اللغة يتفاوت الناس في درجة فهمهم لها، فمنهم من يستطيع قراءتها بسهولة، ومنهم من يجد في فهمها صعوبة، ومنهم من تتعذر عليه... فتستغلق...! هذا النوع من التواصل يتطلب نوع من المهارات لا يمتلكها الكثيرون...

    التواصل مفهوم واسع.... واسع جداً... جداً... يمكننا أن نتواصل مع كل ذرة من ذرات هذا الكون وبلا حدود...

    الذكاء الاجتماعي:

    يمكن أن نعرّف الذكاء الاجتماعي على أنه "قدرتك على تحقيق تواصل ناجح مع العالم الخارجي وعالمك الداخلي على أن لا تدع فرصة تمر أمامك دون أن تستثمرها في عملية تواصل".

    حتى لو كنت حبيساً، لا تسمح لمفهوم الانعزال بالتمكن منك.

    قنوات التواصل لا تنتهي، فمهما ضاق الطيف فلا بد من وجود مساحة يمكنك التحرك من خلالها. كيف؟ من خلال دوائر التواصل المتنوعة.

    لنلق معاً نظرة سريعة على دوائر الاتصال.

    دوائر الاتصال:

    1) خالقنا الله عز وجل.

    2) الكون (التفكّر والتأمل).

    3) مخلوقات الله.

    4) النفس.

    5) الآخر.

    وبالرغم من أن تحقيق تواصل ناجح بشكل عام ليس بالأمر البسيط أو السهل، إلا أنه أيضاً ليس عسيراً على من يحاول إتقانه، فالبعض يرى إتقانه فناً، والبعض يراه علماً، وأنا شخصياً أراه "ذكاءً".

    في موضوعنا "الذكاء الاجتماعي" مجال بحثنا التواصل الإنساني، وكيف يمكن أن يحقق الفرد نسبة عالية من الذكاء الاجتماعي من خلال إتقانه للتواصل الجيد.

    لماذا أتواصل مع الآخر؟

    في الحقيقة الإنسان دون علاقات اجتماعية ميت يمشي على الأرض... التواصل يعني الحياة، فإن كان ناجحاً كانت حياة سعيدة... ونحن نريده ناجحاً ونريد حياة سعيدة..

    · نبدأ مع الدوافع الإنسانية الإيجابية للتواصل:

    · التشارك بالمعرفة.

    · اكتشاف الذات.

    · التعرف إلى الآخر.

    · المساهمة في بناء مجتمع سليم.

    · تحقيق الأهداف.

    · تداول الأفكار.

    · اكتساب الخبرات.

    · أولاً التشارك بالمعرفة:

    مهما بلغ الإنسان من رتبة علمية ومعرفية، فإن معرفته هذه إلى نضوب ما لم يتشارك بها مع الآخرين، بل إنها تصبح جوفاء لا معنى لها إذا ما بقيت حبيسة صدر صاحبها لها كالكنز الصدئ، والعكس صحيح.

    فكما أن الفرد يحتاج إلى تصدير معرفته، يحتاج إلى رفدها بمعارف الآخرين وعلومهم... حكمة الكبار، علم العلماء، مشاركة الزملاء، نصائح القادة.... بل وربما تصلك معلومة من طفل صغير تُذهل لغيابها عنك!

    لا تستهن بأي نوع من أنواع المعرفة من أي مصدر جاءتك. طبعاً نحن لا نقول أن "تتقبل" أي نوع من أنواع المعرفة، ولكن أن تحصل عليها، ثم تحاكمها على محك مبادئك، وهذا طبعاً موضوع آخر له بحثه الخاص.

    إثراء المعرفة إذاً يعتبر واحداً من أهم نتائج التواصل الإنساني.

    أنت تبدأ بتكوين إرثك الثقافي والمعرفي والمهني من خلال الكتب والمراجع العلمية والمحاضرات والندوات، ولكنك في الحقيقة لا تُراكمه إلا من خلال التواصل الحي والممارسة العملية لهذا الإرث.

    جميع العلوم النظرية تبقى رهن النسيان ما لم يتم تفعيلها؛ وهذا ما سيؤول إليه إرثك المعرفي ما لم تُفعّل ما تعلمته وتنخرط في تطبيقه فماذا يفيد أن تتعلم الإدارة وأنت جالس في غرفتك بين الكتب والمراجع؟

    جميع العلوم النظرية تبقى رهن النسيان ما لم يتم تفعيلها؛ وهذا ما سيؤول إليه إرثك المعرفي ما لم تُفعّل ما تعلمته وتنخرط في تطبيقه سواء ضمن مجتمعك الداخلي -مع أفراد عائلتك أو أصدقائك – أو مجتمعك الخارجي: زملائك في العمل أو عمالك أو موظفيك (إن كنت رجل أعمال)، حتى مع نفسك، نفسك التي من حقها عليك أن تكون أول المستفيدة من علومك ومعرفتك. من الذكاء بمكان أن تحاول تطويع ما حولك واستثماره في ت

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 10:54 am