منتدى الفراعنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الفراعنة

منتدى أ/سمير حماية


المواضيع الأخيرة

» تطبيق لايف هاك تجارب ونصائح وأفكار منزلية
 الرساله قصه هنديه Icon_minitime1الثلاثاء أبريل 19, 2022 7:25 pm من طرف hanan45

» تطبيق وصفات طبخ
 الرساله قصه هنديه Icon_minitime1الخميس أبريل 14, 2022 5:57 pm من طرف hanan45

» تفسير الاحلام كاملا بالحروف
 الرساله قصه هنديه Icon_minitime1الأحد أبريل 03, 2022 9:48 pm من طرف hanan45

» تطبيق وصفات طبيعية للتجميل
 الرساله قصه هنديه Icon_minitime1الثلاثاء مارس 29, 2022 11:12 pm من طرف hanan45

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 الرساله قصه هنديه Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:36 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 الرساله قصه هنديه Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:36 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 الرساله قصه هنديه Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:35 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 الرساله قصه هنديه Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:35 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 الرساله قصه هنديه Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:32 am من طرف sabra group

التبادل الاعلاني


    الرساله قصه هنديه

    avatar


    تاريخ التسجيل : 01/01/1970

     الرساله قصه هنديه Empty الرساله قصه هنديه

    مُساهمة من طرف  الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 7:47 pm

    الرسالة بقلم: دوما كيتو عن اللغة الغوجاراتية

    عاش دوماكيتو بين عامي (1892 ـ 1965) اسمه الحقيقي غوريشانكار غوفاردانرام جوشي. يعد أفضل كاتب للقصة القصيرة باللغة الغوجاراتية في جيله. أصدر أكثر من 24 مجموعة من القصص القصيرة. كتب أيضاً 25 رواية تاريخية، بالإضافة إلى نقد أدبي ومقالات. من أفضل أعماله: الراتب (في أربعة أجزاء)، ولون الحياة (سيرة ذاتية) وشولادفي (رواية).‏

    ***‏

    ما تزال النجوم تتلألأ في سماء الفجر المبكر الشاحبة، كما تضيء الذكريات السعيدة حياة توشك على الانتهاء. كان هناك رجل عجوز يسير وسط المدينة، ويقوم من حين لآخر بشدّ عباءته البالية بإحكام ليقي جسده البرد والرياح القارسة. كان يصدر من بعض المنازل المتفرقة صوت طواحين الجرش، وأصوات النساء الرخيمة يغنين في أثناء العمل، ساعدته هذه الأصوات على المضي في طريقه الموحش. كانت المدينة كلها تغط في صمت مطبق باستثناء صوت نباح كلب عرضي، أو خطوات بعيدة لعامل متجه إلى عمله باكراً، أو زعيق طائر أُزعج قبل الأوان. ما يزال معظم السكان مستسلمين لسلطان النوم، لإطالة سيطرته على كلّّ الأشياء، كما يداهن الصديق المزيف ضحيته المختارة بابتسامات مداعبة. كان الرجل العجوز يرتجف من حين لآخر، إلا أنه ثابت الهدف يمشي متثاقلاً حتى اجتاز بوابة المدينة باتجاه الطريق المستقيم. مشى الآن على هذا الطريق بخطوات أكثر بطئاً، متكئاً على عكازه القديم.‏

    عند رؤيته للقوس الخشبي لـهذا البناء، شعر العجوز بسعادة غامرة كتلك السعادة التي يشعر بها الحاج عندما يرى أمام عينيه هدف رحلته. يوجد فوق القوس لوحة قديمة كتب عليها بأحرف مطلية حديثاً: "مكتب البريد". دخل الرجل بهدوء، وجلس على الشرفة.‏

    كانت أصوات اثنين أو ثلاثة من الموظفين المنهمكين بعملهم اليومي تصل ضعيفة إلى سمعه عبر الجدار. صاح بحدة صوت من الداخل: (مدير الشرطة). ذعر الرجل العجوز من الصوت. ولكنه تمالك نفسه ثانية وانتظر. ولولا الحب والإيمان اللذان يمنحانه الدفء، ما كان بإمكانه أن يحتمل البرد القارس.‏

    دوّى اسم بعد آخر من الداخل بينما كان الموظف يقرأ العناوين على الرسائل باللغة الإنكليزية، ويرمي بها إلى سعاة البريد الواقفين ينتظرون. بسبب خبرته الطويلة، اكتسب سرعة كبيرة في قراءة الألقاب: المفوض، المدير، ديوان صهيب، أمين المكتبة؛ وكذلك في رمي الرسائل.‏

    في وسط هذه الإجراءات، نادى صوت ساخر من الداخل: "الحوذي (علي)!"‏

    هبّ العجوز واقفاً، ورفع عينيه إلى السّماء امتناناً، تقدم إلى الأمام وضع يده على الباب.‏

    ـ أخي غودول!‏

    ـ نعم من هناك؟‏

    ـ ناديت على اسم الحوذي (علي)، أليس كذلك؟ ها أنا ذا. أتيت لآخذ رسالتي.‏

    ـ إنه رجل مجنون يا سيدي، يزعجنا بالسؤال كلّّ يوم عن رسائل لا تصل أبداً، هذا ما قاله الموظف إلى رئيس مكتب البريد.‏

    عاد العجوز أدراجه ببطء إلى المقعد الذي اعتاد أن يجلس عليه طيلة خمس سنوات. كان (علي) صياداً حذقاً. ازدادت مهارته بقدر ازدياد حبه للصيد، حتى أصبح من المستحيل أن يمر عليه يوم دون أن يمارس الصيد تماماً كما لا يستطيع مدمن الأفيون أن يضيّع حصته اليومية. قيل إنه ما إن يسدد (علي) على طائر الحجل الترابي اللون، الذي لا تكاد أعين الآخرين تراه، حتى يصبح الطائر المسكين صيداً في جعبته. كانت عيناه تبصران الأرنب البري جاثماً في جحره، وعندما تخفق حتى الكلاب برؤية مخلوق مختبئ بدهاء تحت شجيرة صفراء ـ بنية اللون، تتمكن عينا (علي) القويتان كعيني نسر من رؤية أذني الحيوان، وفي لحظة يكون ميتاً. بالإضافة إلى ذلك، كان كثيراً ما يرافق أصدقاءه صيادي السمك. ولكن عندما تقدم به العمر، ترك عاداته القديمة، وفجأة اتخذت حياته منحىً جديداً. تزوجت ابنته الوحيدة (مريام)، وتركته. وغادرت مع زوجها الجندي إلى فوجه في البنجاب. وطيلة خمسة سنوات تلت، لم تصله أية أخبار من تلك الأبنة التي أمضى من أجلها أيام حياته في ضجر. فهم الآن معنى الحب والفراق. لم يعد يستمتع بمتعة الرجل الرياضي، ويضحك على ذعر صغار الحجل التي حُرمت من آبائها. على الرغم من أن غريزة الصياد تسري في دمه وعظامه، إلاَّ أن الوحدة غزت حياته منذ رحيل ابنته (ميريام)، لذلك يجد نفسه الآن، قد نسي رياضته، ويستغرق في إعجابه بحقول الذرة الخضراء. كان يتفكر ملياً ويخلص إلى حقيقة أن العالم بأسره قَدْ بُني من خلال الحب، وأن ألم الفراق لا مفر منه. وبإدراكه هذا، جلس تحت شجرة وبكى بمرارة. ومنذ ذلك اليوم، يستيقظ كلّّ صباح في الساعة الرابعة ويتجه إلى مكتب البريد. لم يستلم رسالة طيلة حياته، ولكن بصبر خاضع وُلِد من الأمل والإيمان، تابع عادته وكان دائماً أول من يصل.‏

    أصبح مكتب البريد، وهو أحد أكثر الأبنية غير المسلية في العالم، المكان الذي يحجّ إليه. ويشغل دائماً مقعداً معيناً وفي زاوية معينة من البناء، وعندما علم الناس بعادته، أخذوا يضحكون منه. وبدأ موظفو البريد يسخرون منه. حتى إذا لم تصله رسالة، كانوا ينادون اسمه ليسخروا من رؤيته يقفز واقفاً ويهرع إلى الباب. ولكنه كان يأتي كلّّ يوم بإيمان لا حدود لـه وصبر مطلق، ويغادر صفر اليدين.‏

    بينما كان (علي) جالساً ينتظر، كان العمّال يأتون ليأخذوا رسائل شركاتهم، فيسمعهم يتحدثون عن فضائح رؤسائهم. كان هؤلاء الشبان الأذكياء، بقبعاتهم النظيفة وأحذيتهم التي تحدث صريراً، متحمسين دائماً لإظهار أنفسهم. في تلك الأثناء، يفتح الباب على مصراعيه، ويُشاهد رئيس مكتب البريد، رجل لـه رأس حزين وخالٍ من المعنى كيقطينة، وهو جالس على كرسيه في الداخل. لا يوجد في ملامحه ما يدل على حيوية. يكون هؤلاء الأشخاص عادة مدراء مدارس ريفية، موظفين حكوميين أو مدراء مكاتب بريد.‏

    في أحد الأيام كان هناك كعادته، ولم يتحرك من مقعده عندما فُتح الباب. صاح الموظف: (مفوض الشرطة!)، تقدم شاب بخفة ليأخذ الرسائل.‏

    ـ "المراقب!"، تقدّم عامل آخر. وهكذا ردّد الموظف آلاف الأسماء المألوفة، كمتعبد (لفيشنو). أخيراً ذهب الجميع. نهض (علي) أيضاً، ألقى التحية على مكتب البريد، وكأنه يضمّ أثراً مقدساً ثميناً، وخرج شخص مثير للشفقة، متخلف عن وقته بمئة عام. سأل مدير مكتب البريد: (هل ذلك الرجل مجنون!)‏

    أجابه الموظف: (من يا سيدي؟ أوه، نعم. مهما كانت حالة الطقس، يأتي إلى هناك كلّّ يوم منذ خمسة أعوام. ولكن لم تصله أية رسالة).‏

    ـ أستطيع أن أتفهم ذلك! من يعتقد أنه يملك وقتاً ليكتب رسالة كلّّ يوم؟‏

    ـ ولكنه ممسوس يا سيدي. لقد ارتكب في بداية حياته الكثير من الأخطاء، وربما سفك الدماء في إحدى الأماكن المكرسة للعبادة، وهاهو يدفع ثمن ذلك.‏

    أضاف الموظف ليؤكد روايته. قال مدير مكتب البريد: (المجانين أشخاص غرباء).‏

    ـ نعم، شاهدت مرة رجلاً مجنوناً في (أحمد آباد) لا يفعل شيئاً سوى صنع أكوام صغيرة من الرمال. وآخر اعتاد أن يذهب يومياً إلى مجرى النهر لكي يصب الماء على حجر معين!‏

    قاطعه آخر قائلاً: (أوه، هذا لا شيء. أعرف رجلاً مجنوناً يذرع المكان جيئة وذهاباً طول اليوم. وآخر لا يتوقف عن إلقاء الشعر، وثالث يصفع نفسه على وجنته، ثم يبدأ بالبكاء لأنه ضُرب).‏

    وبدأ كلّّ من في مكتب البريد يتحدثون عن الجنون. اعتاد جميع أفراد الطبقة العاملة أن يأخذوا فترات استراحة متكررة باشتراكهم في مناقشة عامة لعدة دقائق. وبعد أن استمع قليلاً، نهض رئيس مكتب البريد وقال: (يبدو كأن المجانين يعيشون في عالم خاص بهم. ربما نبدو بالنسبة لـهم مجانين أيضاً. أعتقد أن عالم الرجل المجنون يشبه عالم الشاعر!),‏

    ضحك وهو يقول كلماته الأخيرة، ناظراً إلى أحد الموظفين الذي كان يكتب عبارة غير هامة. ثم خرج، وساد الصمت في المكتب ثانية.‏

    لم يحضر (علي) إلى مكتب البريد لعدة أيام. لكن لدى أحد منهم ما يكفي من التعاطف والتفهم ليخمن السبب، ولكنهم كانوا جميعاً فضوليين لمعرفة ما الذي أعاق الرجل العجوز. أخيراً أتى، ولكنه كان يجاهد بحثاً عن النفس، وتبدو على وجهه علامات واضحة لدنو أجله. في ذلك اليوم لم يستطع إخفاء لـهفته.‏

    قال لرئيس مكتب البريد متوسلاً: (سيدي، هل لديك رسالة من ابنتي (ميريام)؟) كان رئيس مكتب البريد يريد الذهاب إلى الريف، وكان في عجلة من أمره.‏

    هتف: (يا لك من شخص مزعج يا أخي!).‏

    رد (علي) وهو غائب الذهن: (اسمي (علي)).‏

    ـ أعرف! أعرف! ولكن هل تعتقد أننا نسجل اسم ابنتك؟‏

    ـ إذاً أرجوك دوّنه لديك يا أخي. سيكون مفيداً في حال وصلت رسالة وأنا لست موجوداً.‏

    كيف يمكن لقروي أمضى ثلاثة أرباع حياته في الصيد أن يعلم أن اسم (ميريام) لا يعني شيئاً لأي شخص سوى والدها؟‏

    كان رئيس مكتب البريد قَدْ بدأ يفقد أعصابه، فصاح به: (ألا تملك عقلاً؟ أخرج من هنا‍، هل تظن أننا سنأكل رسالتك عندما تصل؟) ومضى مسرعاً. خرج (علي) ببطء شديد، وهو يستدير كلّّ بضعة خطوات، ليحدّق بمكتب البريد.‏

    كانت عيناه مليئة بدموع العجز، لأن صبره قَدْ نفد، ولكن ما يزال لديه إيمان. وإلا كيف لا يزال يأمل أن يسمع شيئاً من (ميريام)؟‏

    سمع (علي) أحد الموظفين يسير خلفه، فاستدار نحوه.‏

    قال لـه: يا أخي‏

    دهش الموظف، ولكن لأنه شخص مؤدب، قال: (نعم!).‏

    ـ أنظر إلى هذا! أخرج علبة معدنية قديمة، وأفرغ خمسة جنيهات ذهبية في يد الموظف المذهول. وتابع يقول: (لا تندهش هكذا ستكون مفيدة لك، ولن تفيدني بشيء. ولكن هل تفعل لي شيئاً؟).‏

    ـ ما هو؟‏

    قال (علي) مشيراً إلى السماء: (ماذا ترى هناك؟)‏

    ـ السماء.‏

    ـ الله هناك، وأنا أعطيك هذا المال بوجوده. عندما تأتي رسالة (ميريام)، يجب أن ترسلها لي. سأل الموظف المتردد: (ولكن إلى أين.... إلى أين أرسلها؟)‏

    ـ إلى قبري.‏

    ـ ماذا؟‏

    ـ نعم، هذا صحيح. اليوم هو آخر أيامي، آخر أيامي، للأسف! وأنا لم أرَ (ميريام)، ولم تصلني رسالة منها.‏

    كانت الدموع تملأ عيني (علي) عندما غادره الموظف ببطء وتابع طريقه بعد أن وضع الجنيهات الخمسة في جيبه.‏

    لم يشاهد (علي) مرة أخرى ولم يتكلف أحد مشقة السؤال عنه.‏

    في أحد الأيام، حدثت مشكلة مع مدير مكتب البريد. وقعت ابنته طريحة الفراش في مدينة أخرى، وكان ينتظر أخباراً منها بفارغ الصبر.‏

    وصل البريد، وتكومت الرسائل فوق الطاولة. وعندما رأى رئيس مكتب البريد مغلفاً بذات الشكل واللون الذي يتوقعه، سحبه بلهفة. كان مرسلاً باسم الحوذي (علي)، فرماه، وكأنه أصيب بصدمة كهربائية. إن المزاج المتغطرس للموظف تركه فعلاً في حزنه وقلقه، وعرّى قلبه البشري. أدرك على الفور أن هذه هي الرسالة التي كان ينتظرها العجوز، لابد أنها من ابنته (ميريام).‏

    نادى رئيس مكتب البريد: (لاكشمي داس!) هكذا كان اسم الموظف الذي أعطاه (علي) النقود.‏

    ـ نعم يا سيدي؟‏

    ـ هذه الرسالة للحوذي العجوز (علي). أين هو الآن؟‏

    ـ سأجده يا سيدي.‏

    لم يتلق رئيس مكتب البريد الرسالة التي كان يتوقعها طول ذلك اليوم. أمضى الليل قلقاً ، استيقظ في الثالثة، وذهب إلى المكتب. قال متأملاً: (عندما يأتي (علي) في الساعة الرابعة، سأعطيه الرسالة بنفسي).‏

    إذ إن رئيس مكتب البريد فهم الآن مكنونات قلب (علي)، وروحه أيضاً. فبعد أن أمضى ليلة واحدة في ترقبٍ، ينتظر بقلق وصول أخبار من ابنته، شعر بالتعاطف مع العجوز المسكين الذي أمضى لياليه وطيلة خمس سنوات في ترقب مماثل. عندما دقت الساعة الخامسة، سمع طرقاً خفيفاً على الباب، كان واثقاً أنه (علي). نهض سريعاً من كرسيه، بعد أن أدرك قلب الأب المتألم معاناة أبٍ آخر، وفتح الباب على مصراعيه.‏

    ـ (ادخل، أخي (علي)) صاح وهو يسلم الرسالة إلى العجوز الصبور، المنحني من تقدم العمر، والواقف خارجاً. كان (علي) يتكأ على عصا، والدموع تبلل وجهه كما كانت عندما تركه الموظف وخرج. إلا أن ملامحه كانت قاسية وقتها، بينما تبدو أنها لانت الآن بخطوط تتسم بالعطف والود. رفع عينيه، كان فيهما بريق سماويّ غريب، حتى إن رئيس مكتب البريد ارتدّ خائفاً ومذهولاً.‏

    كان "لاكشمي داس" قَدْ سمع كلمات رئيسه وهو يقترب نحو المكتب من جانب آخر. فسأله: (من كان ذاك، يا سيدي؟ العجوز (علي)؟) إلاَّ أن رئيس مكتب البريد لم يلتفت إليه.‏

    كان يحدق بعينين مشدوهتين بالمدخل الذي اختفى منه (علي). أين يكون قَدْ ذهب؟ أخيراً استدار نحو (لاكشمي) داس وقال: (نعم كنت أتحدث مع (علي)).‏

    ـ ولكن (علي) العجوز قَدْ مات يا سيدي، أعطني رسالته.‏

    ـ ماذا! ولكن متى؟ هل أنت متأكد يا (لاكشمي داس)؟‏

    ـ نعم هذا صحيح. تدخل أحد الموظفين الذي وصل لتوه: مات (علي) منذ ثلاثة أشهر.‏

    أصيب رئيس مكتب البريد بالحيرة. ما تزال رسالة (ميريام) ملقاة أمام الباب، وما تزال صورة (علي) ماثلة أمام عينيه. استمع إلى سرد (لاكشمي داس) لمقابلته الأخيرة مع (علي) ولكنه ما يزال واثقاً من حقيقة القرع على الباب، والدموع في عيني (علي). أصيب بالارتباك. هل رأى حقاً (عليا)؟ هل خدعته مخيلته؟ أو هل كان ربما (لاكشمي داس)؟‏

    بدأ العمل اليومي التقليدي. قرأ الموظف العناوين: مفوض الشرطة ـ المدير ـ أمين المكتبة ـ ورمى الرسائل برشاقة.‏

    إلا أن مدير مكتب البريد كان يراقب الرسائل الآن بلهفة وكأن كلاً منها يضم قلباً دافئاً يدق. لم يعد يراهم مغلفات وبطاقات فقط بل أصبح يرى القيمة الإنسانية الجوهرية للرسالة. بإمكانك أن ترى في تلك الأمسية (لاكشمي داس) ومدير مكتب البريد يسيران بخطى بطيئة نحو قبر (علي). وضعا الرسالة عليه وعادا أدراجهما.‏

    ـ (لاكشمي داس)، هل كنت حقاً أول من أتى إلى المكتب هذا الصباح؟‏

    ـ نعم يا سيدي. كنت أول القادمين.‏

    ـ إذاً كيف... لا، لا أستطيع أن أفهم...‏

    ـ ما الأمر يا سيدي؟‏

    ـ أوه لا شيء، ردّ باختصار. وفي المكتب، ترك (لاكشمي داس) ودخل. كان قلب الأب الذي استيقظ مؤخراً في داخله يؤنبه لإخفاقه في فهم قلق (علي). وعليه الآن أن يمضي ليلة أخرى من القلق المزعج. جلس أمام فحم السيجري المحترق، لينتظر،يعذبه الشك والندم.‏

    ترجمها الكاتب.‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 6:48 pm