71
جعفر
_ دخله مستني أيه؟
يدخل مهران ومعه حمزه الفحاحري رجل قصير القامةن أسمر
البشرة ، بدين قليلاً، جعفر يستجوب الفحاحري .
_ من يومين جالك ميت ياحمزه.
حمزه يحاول أن يتذكر ، هو في حالة رعب من وجوده أمامهم
ويخشى شرهم ، يوهمهم أنه يتذكر.
_ دفنت مين من يومين ياواد يافحاحري
دفنت مين .
فجأة يقول لهم
_ مادفنتش حد.
منازع لديه من المكر الكثير لكسب ثقة جعفر واللزي وهارون
هو إستطاع بدهاء أن يبعد عنهم الشك به ، بل عزز ثقتههم به
نظر للفحاحري وقال له .
_ أنت كداب ، من يومين وف نص
الليل جالك تلاته اتنين شايلين
ميت وواحد معاهم .
يبدو أن منازع أعاد الإتزان للفحاحري ليتذكر الموقف.
الفحاحري
_ أيوه صح ، من يومين بعد نص
الليل جه حمدان شايل ابوه ومعاه
اتنين اغراب.
72
جعفر
_ يعني الميت كان الحمداني.
_ أيوه يابيه ،الميت الحمداني ودفنته بإيدي.
اللزي يلتفت لمنازع
_ يبقى أنت قتلت الحمداني مش حسن.
منازع
_ أنا قلت قتلت منهم واحد ، معرفش
إن كان حسن ولا لا.
_ هارون كويس انك اخدت بتار
واحد من الخمسه اللي قتلوهم .
جعفر أحنا نتعشوا مع بعض كمان علشان.
منازع تلاقيه هفتان من عيشة الجبل .
...................
آهات المحبين
هي تلك الأنثى الرقيقة ، نصف من القمر ونصف من الشمس
لا شئ يقتل الأنثى سوى وأد قلبها وقتل أنوثتها، هي مخلوق
يحتاج معاملة بشكل خاص، تكفيها نظرة حب ،او نظرة حنان
هي في حالة صعبه ترق لها السماء ويرثى لحالها كل الكون
تجلس لو أحظ أمام المرآة تحدث نفسها.
73
_بقيتي قدام أبوك عاشقه، يعني فاجره
زي مابيقول ، عملت أيه ياربي، قلبي
وعشق ومش بإيدي اتحكم فيه
ياتُرى العيب فيه زي مابيقول
أبويه ولاالعيب فيهم ،ولا عشان
حسن مش على هواهم.
تبكي بحرقة ، تتساقط الدموع بعينيها بغزارة .
_ يامُرك يالواحظ ، ياوجع قلبك يالواحظ
حسن ومش طايلاه
وأبوك كرهك في عيشتك معاه
ومنين أداوي وجعي .
.................
هم يغتصبون كل شئ ، الطفولة البريئة ، يسطون على أحلام
الشباب ، يمزقون هوية الإنسان ، يجنون ثروتهم على ظهور
الفقراء ، من يعارضهم إما محبوس أو مقتول ، أو مطارد
من جنتهم التي يتوهمون إنها خُلقت ملكاً لهم، يجلس حسن
وحمدان أمام الخيمة .
_ قولي ياحمدان أبو لواحظ لو عرف
ممكن يعمل أيه؟
_ يايقتلها ، ولو شفق عليها حيحبسها.
74
_ معقوله
_ أيوه ياحسن ، العشق عندنا عيب
واللي تعمل كده ، في نظر الناس
تكون فاجره ، الحكايه مش ساهله.
_طيب ماسديري كان بيعشق ليله
وليله بتعشقه .
_ سديري وليله ولاد عم ، لكن
أنت في نظر أهل البلد غريب
_ يعني العشق للقرايب تحللوه
وللغريب تمنعوه ، يعني على
كلامك كده لواحظ في نظر الناس
وابوها فاجره .
_ أيوه ياحسن ، هي في نظرهم كده
وماتنساش أن أبوها كبير البلد .
تبعثرت كل الأجاسيس بكل زواية من جسد حسن،أحاسيس ووجع
بلا مداوي،صرخة مكتومة في أعماقه، دموع حائرة تخشى السقوط
على ضفاف عين لاتجد من يواسيها ،وجع وأحاسيس إختلطت بها
أيامه ،سرح حسن بعيداً بخياله ، كاتماً دموع تحاول التمرد ، يفكر
في حال لواحظ.
_ عملتي علشاني كتير يالواحظ
وضحيتي عشان واحد متعرفيهوش
ولا شُفتي خلقته ، قلبك ، هو قلب ملاك
75
جه الوقت اللي أنا أعمل فيه عشانك
لكن بإيدي أعمل أيه ، أخطفها ولكن
كده أكون كسرتها أكتر ، قدام أبوها والناس
أيه الحل ياحسن ؟ عقلي خلاص حيطير مني
يدخل مرسال فيسحبه حمدان بعيداً ، هو أدرك أن حسن يحتاج أن
يكون بمفرده.
_ تعالى يامرسال ، خلي حسن قاعد لوحده
_تعرف ياحمدان ، غلطة حسن الوحيدة
عشقه للواحظ.
_ لواحظ انقذت حسن أكتر من مره
وضحت بنفسها علشانه ، والعشق
مش بإيديه يامرسال ، ده غصب عنه
ادعيله ربنا يخفف عنه ، حسن يستاهل
كل خير.
_حسن أخويا وقلبي بيتقطع عليه
أنا مابكرهش لواحظ ، أنا بكره
اللي فيه حسن بسببها.
76
6_ قلوب من نور
هي قلوب حاملة لكل المحبة ، العطاء ، شعارها الله محبة، تلون حياتها
بالبساطة بألوان فاتحة، يُزينهم الترابط، مهما علت الرياح ، هم في صبر وسكينة،أغانيهم ألحانها عذبة نقية ،لا يفقدون الإنسان بداخلهم
أمام الفرن يشعه تخبز الفطير المشلتت ، تُخرج فطيرة وتضعها
في علق صغير
_ قدامك كتير يايشعه ؟
_ حظلع أخر فطيره.
_ تلاقي أبوكي جعان ، جاي من بره
على اخره، مبوز ومابيكلمش حد
_ يبقى كان مع الشيخ أدم.
_ اشمعنى الشيخ أدم؟
_وهو أبوكي بيقعد مع حد بره
لا ليه في قعدة دكان ولا قعده
على الجسر.
تُخرج يشعه الفطيرة الأخيرة وتضعها في الغلق .
_ هاتي فطيره أوديها لأبوكي مع حتتة جبنة قديمة
...................
في منتصف الدار يجلس ارمنيوس على الدكة ، مريم تضع طبليه
77
على حصير وتضع فطيرة على صينية كبيره وطبق به قطعة جبنة قديمة.
_ انزل يابا ، كلك لقمه.
ينظر ارمنيوس على الطبليه .
_ انتوا عملتوا فطير مشلتت ؟
يشعه
_ أيوه يابا ومليان سمنه علشان
تُرم عضمك .
_عاملين بالزيادة ؟
مريم
_أيوه ، لكن ليه يابا، حد جاي يتعشى معاك.
_ لا يابنتي ، أنا رايح لحسن الفجر ولو عندك
زياده إعملي حسابهم ولو مفيش إخبزيلهم تاني.
يشعه
_ حتروح لحسن الجبل يابا؟
_ أيوه ، حروح أنا والشيخ أدم.
_ مابلاش يابا ، اللزي مش حيسكت
حسن قاتل من رجالته خمسه، خليك
وأروح انا .
_ لا يابنتي ، أنا اللي حروح والرب موجود
وماحدش حياخد عمر حد إلا بإذنه.
78
............
بلدة مساحة الرؤيا بها تحتاج منظار واسع، طموح يبدأ بأحلام يقظة
ومنام يأتي بكوابيس تدفنها، ليلة بنفحات خريفية ، غاب عنها الربيع
في مضيفة جعفر ، إنتهوا من تناول العشاء ، مهران أزال بقايا الطعام
يلتفت جعفر نحو منازع.
_ أنت لوحدك يامنازع ، عملت اللي مقدرش
اللزي وهارون والرجاله يعملوه.
منازع أدرك أنه اكتسب ثقتهم بدهاء إالى حد أكبر مما كان يظن
أراد أن يزيد من مكتسباته لديهم والتواضع أمامهم.
_اللزي وهارون والرجاله معذورين
ماكانوش متخيلين إنه حينضرب عليهم
بارود .
يلتفت نحو اللزي
_ صح كلامي يالزي .
اللزي لا ينتبه لحديثهم ، هو يفكر في ليلة وقتل الحمداني ويحدث نفسه
_أدي الحمداني اتقتل ، تقولها يالزي
ولا بلاش ، بلاش أحسن وخليها
على عماها لحد مااكتب عليها .
هارون ساخراً
_ اللزي مش معانا خالص ، والنبي
تلاقيه بيفكر في ليله ، مش كده يالزي
79
اللزي يتنبه لهم أخيراً بعد سماعه كلمة ليله.
_ أيه ، مال ليله.
_ أنت مش كنت مشغول بيها دلوقت؟
يتلعثم في الرد
_ لا مافكرتش فيها وبعدين موضوعها
خلاص ، حكتب عليها الخميس اللي
جاي غصب عنها.
جعفر
_ خلونا في حسن دلوقت ، بلا ليله
بلا نيله.
يدخل مهران حاملاً لهم البشري التي انتظروها طويلاً
_ فيه مرسال جاي من عند الشريف معتصم.
هارون
_ خليه يدخل.
جعفر معترضاً
_ مايصحش قوم استقبله أنت واللزي.
يخرج اللزي وهارون ليستقبلا مرسال معتصم ، استقبلاه وتبادلا
معه التحية ودخلا به القصر حتى حجرة المضيفة .
اللزي
_ اتفضل ياشافعي.
هارون يقوم بالتعارف
_ جناب الملتزم جعفر بيه.
80
_ بسمع عنه كتير وصيته مالي المديريه
أهلاُ ياجناب الملتزم .
جعفر
_ شرفت دارك ياشافعي.
شافعي
_ أنا مش عاوز أطول عليكم ، الشريف
معتصم بيقولك حيجي بعد بكره العصر
جهزله كل ورق الحيازات اللي عندك .
جعفر
_ الشريف معتصم يشرف في أي
وقت وكل الحيازات جاهزه ومحضرينها
شافعي
_ هو عاين الأرض كلها .
منازع
_ مفيش حتة أرض في المديريه
الشريف معتصم مايعرفهاش.
شافعي
_ وأنت تبقى مين ؟
هارون
_ ده منازع ، ضيف عندنا.
_ أوعى يكون منازع مطاوع
يحمر وجه منازع وينظر إلى جعفر واللزي وهارون ، هارون توقع
81
الموقف
_ لا مش منازع مطاوع ، ده منازع الحرداني.
جعفر لشافعي
_ ومين بقى منازع مطاوع.
_قتال قُتله ولينا عنده تار
قاتل من عندنا اتنين.
منازع يقف مستعداً للخروج محاولاً الهرب من أمام شافعي حتى
لا يشك فيه.
_ أنا اتعوقت ، يادوب ألحق أروح
تقعدوا بالعافيه.
يخرج منازع.
...........
إننا لدينا جميعاً أحلام، منها أحلام موؤدة، ومنها أحلام تترنح في طريق الوصول،علينا أن لا نيأس ، نملك البدائل، علينا أن نتحرر من خوفنا
نحاول أن نحلق ، نطير ، حتى لو تكسرت أجنحتنا، حليمه هي تلك الفتاة
البسيطة ، تعيش يومها ببساطة ،تخشى أن تحلم ،تساير حياتها بخوف
ورهبة ، تسير حليمه في الدرب بأقدام مرتعشة تلتفت يميناً ويساراً
تصل دار أرمنيوس ، تطرق الباب ، تفتح يشعه، تتعجب من حالة الرعب المسيطرة على حليمه.
82
_ مالك ياحليمه ، مش على بعضك؟
_ حتوقفيني على الباب يايشعه؟
_ لا ، أدخلي ياحليمه .
تدخل يشعه ومعها حليمه، تغلق الباب ، لاتزال حليمه في رعشة وخوف
_مالك يا حليمه ، حالتك ولا اللي ميت
لها حد.؟
_ إزيك ياعم أرمنيوس
_ إزيك ياحليمه يابنتي.
تلتفت حليمه نحو يشعه بعد أن ألقت بالتحية لأرمنيوس
_ أنا مش قادرة أجيلك وجايه هربانه
من بيتنا .
أرمنيوس يجلس على الدكة يراقب حالة يشعه.
يشعه
_ فيه أيه ياحليمه ، بيتكم اتحرق؟
_ مفيش عندنا حاجه وحشه ، لواحظ يايشعه
_ مالها لواحظ؟
حليمه تنظر في اتجاه أرمنيوس ، أدركت يشعه أنها تود أن تحدثها
على إنفراد، يشعه تمسك بيد حليمه.
_ تعالي ياحليمه ندخلوا جوه.
تسير يشعه بحليمه للداخل حتى حجرتها ، تدخل الحجره وخلفها حليمه
مريم في الحجرة.
83
مريم
_ إزيك ياحليمه .
_ بخير يامريم إزيك أنت .
يشعه
_ سيبك من السلامات دلوقت ، مال لواحظ
فيها أيه ؟
_ أبوها عرف اللي بينها مابين حسن.
_ وأبوها عرف منين ؟
_ من اللزي واخته منيره ، مسكوا السلوتي.
_ أنا قلت لحسن بلاش السلوتي.
مريم
_ ماخلاص يايشعه اللي حصل حصل
المهم ياحليمه أبوها عرف أيه؟
_حسن كان باعت جواب على منديل
كتب عليه بدمه وبعًتُه مع السلوتي
وهي كمان كتبت على منديل وبعتته لحسن
مريم
_ حن كاتب على منديل
يشعه
_ امال حيكتب على أيه يامريم ، ياحزنك يالواحظ
وبعدين حصل أيه ؟
_ اللزي ومنيرة لزقوا في لواحظ كل المصايب
84
وقالوا انها بتنقل كل أخبارهم لحسن
وهي السبب في أنهم مش قادرين
يمسكوه ، وانها قالت لحسن على البارود
وخلت حسن يشتري بارود.
_ ومنيره تلاقيها ماصدقت.
_ ماهي منيره اللي كشفت كل حاجه.
مريم
_ أنا ظلمت لواحظ ، باين عليها جدعه.
يشعه
_ لواحظ بتعشق حسن وبتموت فيه
وضحت علشانه كتير، وتعمل أي حاجه
علشان حسن.
حليمه
_ سيبونا من الكلام ده دلوقت، حنعمل ايه؟
لواحظ أبوها ضربها وحبسها ومنعوني
أدخل لها وخلوا أمي تروح مكاني.
_ وحنعمل ايه أحنا.
_ يعني أيه حنعمل أيه، جبتك ياعبد المعين
تعني ، لقيتك ياعبدالمعين عاوزن تنعان.
يشعه
_ إحنا اللي نقدر نعمله ، نقول لحسن.
حسن لازم يعرف كل حاجه.
85
مريم
_ أيوه ده اللي نقدر عليه .
حليمه
_ ومين حيقول لحسن؟
يشعه
_ سيبي ده عليه .
_ ماشي ، حقوم أنا أروح
تقوم يشعه بتوصيل حليمه للخارج وتودعها وتراقبها حتى تغيب عنها
................
بدأ الليل على حقيقته وأسدل الظلام جدائله، حفيف لأروح غير مرئية
فوق مقصلة القدر ، تحت ليل يتسربله الظلام، قبل منتصف الليل منازع
واللزي على حافة الترعة .
منازع
_شافعي مش ولا قاعد.
_أيوه مشى، أنا اتخضيت لما قال
منازع مطاوع .
_ ليهم تار عندي، قاتل منهم اتنين.
_ يخرب بيت فقرك يامنازع، ماتقلقش
حيجوا يشتروا الأرض وكل واحد
حيروح لحاله، انت ريحتني شويه
86
بقتل الحمداني .
_ وبكره حريحك أكتر لما أقتل حسن.
_ ياريت.
_ أنت صحيح حتكتب على البت دي
اللي اسمها ليله.
_ أيوه ، يوم الخميس اللي جاي
وتعالى أنت أشهد على الجوازه.
_ أنا سمعت أنها مش موافقة.
_وافقت ولا لا ، حجوزها بالعافيه.
....................
هناك أفكار تنادي بعضها البعض لترسم حلما، وأفكار تتلاقي
لترسم شبحاُ ، وتلد كابوساً ، الحلم يتجسد في أمل ، والكوابيس
أشباح تنطلق في الصحو والمنام بلا رابط، في منحنى العقل تتوه
الكلمات ويغيب الضمير في تلك العقول العاشقة للضلال .
في مضيفة جعفر جعفر وبصحبته هارون .
_أنت حالك مش عاجبني ياجناب البيه
لو مت ، أو طبيت ساكت ، محدش
حينفعك.
_أنا لحد دلوقت مش مصدك اللي عملته واحظ.
_ مسيره يقع في ايدينا ونخلص منه.
87
_ ده مايموتش بطلقة باروده، ده أجيبه
وأقطع جسمه حته حته بسناني ، أغسل
عاري بدمه، وأفرق لحمه ع الكلاب.
_ ماتتجوز يابيه ، وبالمره تجيبلك
عيل يشيل إسمك، أنت لسه صغير.
_ عيل ..آه ياهارون ، أنا نفسي من
زمان في عيل ، واتمنيته من زمان
وامها خلفتها في البطن السابعة
ست عيال قبلها ماتوا ولدين
وأربع بنات .
_ كل شئ نصيب يابيه.
_ أيوه كل شئ نصيب، أهي ماتت
وسابتلي النكد.
_ منا ماخلفتش غير خلف ، طالع
ناصح زي أبوه .
...................
تحاول لواحظ أن تستيقظ من هذا السُبات العميق، صرخة خرساء مكتومة، لا تعرف ، كيف تنطلق، صرخة مجهولة وكأنها بلا وطن
مخالب قوية تننزع لوحتها الجميلة، تمزق كل النسيج الذي غزلته
بمشاعرها، نبضاتها تتسارع، جبيتها يعرق، يشعر بالخوف،تحاول
88
أن تلملم أنفاسها المبعثرة ، تتجه لواحظ نحو شرفة الحجرة
تنظر للفضاء البعيد، تبحث عن حلم يتخبط .
_أنت فين ياحسن ،ياتُرى بتفكر فيه
زي مابفكر فيك،ولا الجبل عني لاهيك
أيه المتخبي ليه وليك .
...............
هو يحاول أن يستيقظ ، يمزق كل الكوابيس،عيناه منسدلة ستائرها
يبحث عن المضمون ،هل يبقى كما هو ، أم يخاطر حد الجنون
كل شئ أمامه يسمح بالمخاطرة ولا هرب منها، لن يسمح بإتصاب
حلمه،حسن يجلس بمفرده على نفس الحجر عندما يحب أن يخلو
بنفسه ، حتى أن حمدان ومرسال أسموه حجر لواحظ، هو يسمع
همساتها، دبيب نبضاتها، ترغرغت عينيه بالدموع،يحدثها وكأنه
يستشعرها.
_المستخبي ليه وليك في علم الغيب يالواحظ
ياترى الأيام اللي عذبتني بشقاها ، حتقدر
يوم تجمعني معاها،ولا للقدر مكتوب تاني
واخدني في سكه مجهول منتهاها.
.............
أرمنيوس جالس على الدكة وعلى الدكة المقابله تجلس يشعه
89
واختها مريم .
ارمنيوس
_ أنا خايف أقول لحسن اللي قولتيه
عن لواحظ، يتهور وينزل علشان
يشوفها ويحصله حاجه.
يشعه
_ ما احنا مانقدرش نخبي عن حسن
يابا ، لواحظ وقفت كتير جنب حسن
وحسن مش حيسامحنا لو عرف اننا
كنا نعرف وماقُلناش ليه.
_ أنا محتار يابنتي.
مريم
_يشعه معاها حق يابا ، حسن لازم
يعرف وماتخفش عليه ، حسن
عاقل وبيحسب كل خطوه يخطيها.
.....................
منازع يتحسس طريقه في حضن الظلام ، لا يخشى الليل فطالما إحتضنه
كثيراً ولا يخشى صوت اللذئاب فتعود أن يستأنس بها ،هو يشعر أنه عاد للحياة، يشعر بأن له هدف، خرج من سجن الشر الذي كان يتخبط
فيه بلا أمل وبلا هدف، روح الإنسان كانت لديه بلا ثمن ، لم يشعر
90
بقيمة الروح إلا حينما وقعت روحه تحت يد حسن ،عاد له الإنسان
بعد عفو حسن عنه ولم يشأ قتله،يصل الممر الترابي هو ممر على
شكل سيف من الرمال ، يتجاوز السيف والهضبة، يصل بداية الدرب
الممر الذي يفصل بين الجبلين ، إقترب من الخيمة ، لم يجد أحدا
في الحراسة، يعوي مثل الذئب بصوت عالي.
..............
داخل الخيم يجلس حسن ومرسال وحمدان ، لم يناموا ، هم في إنتظار
منازع .
حسن
_ ده ديب وكمان قُريب مننا .
حمدان
_ شكله قدام مدخل الخيمه وممكن يدخل علينا.
مرسال
_ تفتكر ممكن يدخل علينا.
حمدان
_ ويهاجمنا كمان.
حسن يمسك ببندقيته، يجعلها في وضع الإستعداد ، ويخرج على أطراف
أقدامه وخلفه حمدان .
مرسال
_ أنتوا حتسيبوني لوحدي.
يجري خلفهم مرسال .
............
91
منازع يتوارى خلف الخيمة ويستمر في عواء الذئب ، حسن يتحسس
طريق نحو مصدر الصوت شاهراً بندقيته وخلفه حمدان ومرسال ، يصوب فجأة عندما يرى منازع وهو لا يتبينه.
منازع
_ حاسب حتقتلني ياحسن.
حسن
_مين ! منازع !
منازع
_ مش عيب ياوحش،تسيبوا الخيمه
من بره من غير غفير.
حسن
_ معاك حق يامنازع ، لو هجم حد علينا
كان صادنا بالساهل، المهم حمدالله
بسلامة وحش الجبل.
حمدان
_ أيه الأخباريامنازع؟
_ أنا هلكان من التعب ، ندخلوا جوه
وأريح وأحكيلكم، بس واحد يحرس
الخيمه من بره.
حسن لمرسال
_أنت خليك بره يامرسال ، وحنبدلوا
مع بعض.
92
_ ولو جاني ديب أعمل أيه؟
حمدان يضحك
_ انده علينا وحنيجي نرحب بيه.
حسن
_ نعالى يامنازع
يضع يده على كتف منازع ويدخل به لداخل الخيمة وخلفهم حمدان
يجلس ثلاثتهم ويلتقط منازع أنفاسه ، محدثاُ حسن .
_ إسمع ياسيدي ، الشريف معتصم حايجي
بعد بكره علشان يشتري الأرض.
_ كويس جوه ، وعرفت معاد وصوله البلد.
_ أيوه عرفت، حييجي العصر .
_ وعرفت ده كله إزاي يامنازع ؟
والله عفارم عليك.
_ كنت قاعد معاهم عند جعفر وقت
ماجه مرسال معتصم.
حمدان
_ عملت أيه معاهم ، صدقوا الحكايه.
_خَالتْ عليهم كلهم وفرحوا أني
أنا اللي قتلت أبوك، فيه حاجه مهمه
اللزي حيكتب على ليله الخميس اللي
جاي .
حمدان
93
_ حيكتب على اختي الخميس اللي جاي.
_ أيوه وبالعافيه بدون رضاها.
يقف حمدان متسرعا وممسكاً ببندقيته .
_ أنا حنزل أشرب من دمه ، ياقتلته ياقتلني.
حسن يمسك بأطراف جلباب حمدان
_ اهدا واقعد ياحمدان ، بعد مانخلص
موضوع معتصم ، حنشوفوا حل نخلص
بيه ليله قبل مايتجوزها اللزي.
94
7_ أمل يحتضر
أشباح الهم والحزن اللعينة تُطاردها في صحوها وسُباتها، تحاول أن ترفع رأسها ، تنظر حولها ، لاشئ سوى تلك الجدران ، ضاقت بها
حجرتها، تشعر أنها باتت بلا ملامح، الجدران شاهبة الألوان والأساس
خيالات ظل لأشباح غير مرئية ، لواحظ في غرفتها ومعها مصايب أم
حليمه ، جعفر استبدل حليمه بأمها .
_ عاوزه حاجه تاني ياست لواحظ
أنا حمشي أحسن اتعوقت قوي.
_ روحي أنت ياخاله ، وسلميلي
على حليمه.
_ أجيبلك لقمه تاكليها قبل ما امشي؟
_ ماليش نفس ياخاله.
يدخل جعفر الغرفة ولواحظ تحاول أن تتماسك ، تمسح دموع
أقسمت أن لا تجف على خديها،نبضها صامت لا يتدفق، لحظة
مقدسة للصمت .
مصايب
_ جيت في وقتك يابيه، أحسن الست لواحظ
من صبحية ربنا ، ماحطتش الزاد في بُقها
ومفلوقه من العياط.
_عنها ماطفحت .
_ ليه بس كده يابيه، هو فيه أيه؟
95
_ حطي لسانك في بقك واسكتي ياوليه.
_ حطيت لساني يابيه، أنا حروح واجي
الصبح ، عاوز حاجه من ست الحسن
_ ست الحسن مين ياوليه؟
_ أنا ست الحسن يابيه.
_ لما أنت ست الحصن ، مين مصايب؟
_ أنا بعت البقره واشتريت اسم جديد
بس مفيش حد بيناديني بيه.
جعفر بغضب
_ انجري امشي والله أبوك ماغلط
لما سماك مصايب، روحي جاك
مصيبه ، ولا حتجيك من فين
انت المصايب كلها.
تخرج مصايب مسرعه من الغرفه .
جعفر ينظر إلى لواحظ في غيظ، وهي تصرخ في أعماقها ولا يسمعها أحد، هي في صمت عميق ونبض على و شك الإنهيار،
_ ياريتك كنت مُتي ولا جيتي الدنيا.
هي تنظر له، تُتَمتم بصوت منبوح بأوتار تالفة، تحاول أن تتكلم، با صراخ ، بلا نبض ، بلا حياة.
_ جيت لقدري يابا.
يقترب جعفر منها ، وهي تتحس أنفاسها التي أغتيلت على مشارف
الحلم .
96
_ والله كرهت حتى أبص في خلقتك .
_ لو كان موتي يريحك ياابا ، أخلص
مني ومن عاري زي مابتقول.
_ ماتستعجليش على رزقك ، لما
أخلص منه ، ليك روقه معايه.
ينظر لها بإحتقار وإستهاجان، يتمنى لو أطبق على رقبتها بيديه
ويخنقها ويرتاح منها ، جز جعفر على أسنانه وكتم غضبه وتركها
وخرج ، ولواحظ تستلقي على فراشها في بكاء،هي تعيش الموت
بلا موت، تحتضر بلا نهاية.
97
8 _ الذئب ينتفض.
هو يحلم ويحلم وأحلامه لا تتوقف ،هي إلى لانهاية، عنيد ، إما يحقق
مايشاء أو يغادر ، ليس لديه حلول وسطية، هو يتشكل حسب الحدث
تارة بطيبة وبساطة وتواضع وتارة أخرى يرتدي جلد الذئب ولا يخشى
أحد، هو الباكي في أعماقه، الضاحك في ظاهره، هو تعلم أن يمضي
قُدْماُ في طريق الحق بثبات، حسن ومنازع وصياد يجلسون داخل الخيمة
يتشاورون .
حسن
_ تفتكر معتصم حيجي من أنها طريق يامنازع؟
_ معتصم من الكتكاتة وقدامه طريق واحد
ياخد طريق ترعة السلاموني ، بعدها يدخل
يمين في طريق ضيق طويل ، يصل حتى فلقة
الحمدية ، البلد اللي بعدينا على طول.
حمدان
_ صح كده ، وبعدها ياخد الجسر بين
الترعه الكبيرة والزراعة حتى يصل
إلى فلقتنا ( هي كوبري محدود، مصنوع من جذوع النخل.
_ بس أكيد اللزي وهارون ، حيستقبلوه
من بره البلد؟
_لو طلعوا يقابلوه ، مفيش غير مكانين
أنهم يقابلوه عند فلقة الحمديه ، او عند
98
الماسورة اللي قدام نخلات مُصبح.
_ وليه فكرت في الطريقين دول يامنازع
_ علشان أبعد مكانين لحدود البلد،يعني
مش حيفكروا غير زي مابقولك.
_ الله ينور عليك يامنازع، ريحتني.
حسن يسرح بخياله بعيداً، يفكر في عمق، يحاول أن يصوغ خطة مناسبة، حسب المعلومات التي تلقاها من منازع، منازع يقطع حبل
تفكيره .
_أنت بتفكر تقابل معتصم وتقطع عليه
الطريق في مكانين ،طريق ترعة
السلاموني أو الطريق الضيق اللي
بيوصل للحمديه.
_ أنت قريت اللي في راسي يامنازع.
حمدان
_ واحنا نطلع الجبل ونمشي فوقيه
حتى الحمديه، وبعدين ننزلوا
من هناك ، كده ماحدش حيعرف
يشوفنا خالص.
منازع
_ صح كده ياحمدان، ولكن حنشيل بارود
معانا.
99
حسن
_ لا مش حناخد بارود، صوت البارود
حيكشفنا ، ومش حنحتاجه.
منازع
_ كده أنت باين عليك حطيت خطه؟
_ حكلمكم فيها وقتها يامنازع.
حمدان يبتسم
_ هو ده حسن يامنازع ودي عوايده
مايقولش على اللي في دماغه
مره واحده ، حقوم اريح مرسال شويه
تلاقيه بيكلم نفسه.
منازع
_أيوه أحسن الكلام أخدنا ونسيناه
...................
خارج الخيمة يجلس مرسال ، يعيش بين ذكريات ماضي قاسي
وحاضر عنيف، ومستقبل مجهول يترنح على كف القدر،يقف
على مقبرة الذكريات ينثرُ الدموع فوقها،تحيا مع جراح وتتجدد
المواجع، ينظر إلى السماء ، يبعثر أمنياته.
_ امتى ياربي نرتاح بقى من الجبل
وصوت الديابه .ووحشة الليل
100
امتى ياربي الواحد ينام مرتاح
البال ، زهقت من الجبل وكرهت إسمه.
هو يحاول أن يطرق باب الغد، يبحث عن الأمل، يحلم بتربة يدفن
بها أحزانه،عن غد يلملم أشلاء مبعثرة في الصحراء.
يقطع تفكير مرسال دخول حمدان.
مرسال
_ لسه فاكرني دلوقت ؟
_ قوم أدخل ياغلباوي ، منا جيتلك اهو.
_ ماشي ياحمدان ياابن أم حمدان
يارب يجيك ديب يكون جعان ياكلك.
حمدان يضحك ويدخل مرسال داخل الخيمة.
101
9_نوافذ مجهولة
لا شئ أروع من إشراقة فجر الصباح ،خلقه الله ليكون محطة تغيير
للنفس البشرية، محطة تنتهي عندها المواجع ويرحل معها اليأس
صباح مشرق بأغاني العصافيرورائحة النسيم،وسحر الفضاء
الشيخ أدم يسير بصحبة أرمنيوس ، يبحثان عن حل لفتح تلك النوافذ
المغلقة ، يحملون معهم المحاولة بلا حساب لنتائج، يحملان على كاهلهما وجع كبير لأهل بلدة تتخبط بهم السفينة وسط أمواج عاتية
يصرخون بصوت مكتوب ، يبحثون عن خيط من الضوء، يسيران
مكبلان بقيود من الأحزان، يسير ارمنيوس بخطوات سريعه على
الجسر .
_ بالراحه يامقدس أنا مش حمل مشيك
وراعي أني ضرير.
_ أنا ماشي بالراحه .
_ بالراحه إزاي ، أنت بتجر فيه زي الشوال.
أحنا وصلنا لحد فين .
_ إحنا لسه على الجسر.
_ جسر أيه يامقدس ، إحنا رايحين
الجبل ولا الغيط.
_أنت عاوزنا نروح الجبل من عندنا
وحد يكشفنا ويمشي ورانا.
_ علشان كده أنت اخترت الجسر
102
علشان ماحدش يشك.
_ أيوه وكأننا رايحين سوق الجمعة.
_ عفارم عليك يامقدس، طمنتني
_ حندخلوا الجبل من عند الحمديه
ونرجع تاني على الدرب بس
من الجبل.
_ وطبعاً في العوده نفس الحال.
_ أيوه.
_ كده الواحد يتكل على الله
ويتشاهد .
ارمنيوس يضحك
_ مش دي شورتك.
_ أيوه شوره مهببه،أنا اللي جبته
لنفسي، ولكن حتحمل عشان
ضميري يرتاح وأكون ماقصرتش.
..................
لاينام ،تجمعت حوله كل الهموم، يحمل أحلام البسطاء، هو لايحب
أن يقف تائهاً ، ومهما علت أحزانه ، لا يحترق بها،ليس من هواة
الوقوف عند مفترق الطرق،يقاوم أحزانه، لا يقبل أن تساومه همومه
كلما زاد الإلم ، يدوايه بقليل من الأمل، حسن ينظر لسقف الخيمة
103
هرب منه النوم ، مرسال يغط في نوم عميق ومنازع لا يقل عن
حسن يتقلب على جمر من النار.
_ لسه مانمتش ياحسن؟
_ مش جايلي نوم يامنازع، أنت
كمان رغم تعبك في نزولك
وطلوعك البلد مش بتنام.
_ طار مني النوم ياحسن
بتفكر في معتصم، صح
هو اللي شاغلك؟
_بفكر في هموم كتيره يامنازع
معتصم ولواحظ وليله وأهل البلد
الغلابه .
_ كله معاك فيه ، ماعدا موضوع
لواحظ ، مش مريحني.
_ مش مريحك إزاي ؟
_ أقول وماتزعلش من كلامي.
_ قول يامنازع .
_ النسوان دول مامنهمش رجا
والراجل اللي يمشي وراهم
مايكسبش.
حسن يبتسم
_ ليه يامنازع؟ ماقابلتش واحده عجبتك.
104
_ ولا بطيق ريحتهم ، بحمد ربنا
أن أمي ماتت بعد ماولدتني.
حسن يضحك بشده
_ شُفت أنا قدرت أضحكك.
.............
ارمنيوس والشيخ أدم يسيران بمحاذة الجبل من أسفله، صوت الذئاب
يعلو ، عيناه تقع على ذئب أمامهم ، توقف نظر الذئب عليهم، أمسك
بشدة بالشيخ أدم .
_ فيه أيه يامقدس؟
ارمنيوس يشير له بالسكوت
_ هس ، هس.
_فيه أيه ياراجل قلقتني؟
_ فيه ديب قدامنا واقف متربص
بينا ياشيخ أدم.
_ ديب ، بتتكلم جد يامقدس.
_ودي فيها هزار.
» تطبيق وصفات طبخ
» تفسير الاحلام كاملا بالحروف
» تطبيق وصفات طبيعية للتجميل
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية