منتدى الفراعنة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الفراعنة

منتدى أ/سمير حماية


المواضيع الأخيرة

» تطبيق لايف هاك تجارب ونصائح وأفكار منزلية
 لا تخلق الاشياء من عدم Icon_minitime1الثلاثاء أبريل 19, 2022 7:25 pm من طرف hanan45

» تطبيق وصفات طبخ
 لا تخلق الاشياء من عدم Icon_minitime1الخميس أبريل 14, 2022 5:57 pm من طرف hanan45

» تفسير الاحلام كاملا بالحروف
 لا تخلق الاشياء من عدم Icon_minitime1الأحد أبريل 03, 2022 9:48 pm من طرف hanan45

» تطبيق وصفات طبيعية للتجميل
 لا تخلق الاشياء من عدم Icon_minitime1الثلاثاء مارس 29, 2022 11:12 pm من طرف hanan45

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 لا تخلق الاشياء من عدم Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:36 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 لا تخلق الاشياء من عدم Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:36 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 لا تخلق الاشياء من عدم Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:35 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 لا تخلق الاشياء من عدم Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:35 am من طرف sabra group

» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
 لا تخلق الاشياء من عدم Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 27, 2021 10:32 am من طرف sabra group

التبادل الاعلاني


    لا تخلق الاشياء من عدم

    avatar


    تاريخ التسجيل : 01/01/1970

     لا تخلق الاشياء من عدم Empty لا تخلق الاشياء من عدم

    مُساهمة من طرف  الأربعاء يناير 26, 2011 4:53 am

    الطفيليون الجُدد.. أضاعوا الخيط والعصفور معاً !!
    درسٌ في الديمُقراطية

    متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا "
    عمر بن الخطاب ـ رض ـ


    الطفيليون الجدد .. من هم ؟
    لا اقصد بالطفيليين الجدد كل الجيل الجديد الذي يختلف بشتى أنواعه عن الجيل الذي سبقه ، بل اقصد كل أولئك الذين برزوا في السنوات الأخيرة في حياة العالمين العربي والإسلامي ، وهم يقفون حجر عثرة أمام التقدم والتجديد ، وهم لا يفقهون معاني التغيير التاريخي الذي هو اكبر منهم ، إذ انه سيحصل بالرغم من كل عوائقهم .. إنهم يقفون أمام إرادة التاريخ ليوقفوا عجلة الزمن ، وقد نجحوا فعلا ليس في توقيفها ، بل في إرجاعها إلى الوراء .. الطفيليون الجدد كل من يريد أن يبقى أسير الشعارات الماكرة والخداع والتضليل والهوس العاطفي .. كل من لا يؤمن بالديمقراطية والحريات كأسلوب متقدم في الحياة .. كل من يحتكر " الإسلام " ويقول بأنه ضد الديمقراطية .. أو أن يلغي الجوانب الحضارية المضيئة في تاريخنا ويقفل نفسه عن العالم .. كلّ من يخفي الحقيقة وينفي الآخر ويقصيه لأسباب تكفيرية أو طائفية أو شوفينية أو مذهبية .. الطفيليون الجدد هم ورثة الطفيليين القدماء الذين كانت لهم مسؤولياتهم في صنع هزائم القرن العشرين . إن القدماء قد استخدموا الديمقراطية ظلما وعدوانا لكي يرثها الجدد .. فأشاعوا كل التعابير المشينة ضد التيارات الفكرية والسياسية من دون أي وازع أخلاقي ديمقراطي يؤمن للآخرين احترام قيمهم وأفكارهم ومعتقداتهم .. حتى وان كان التضاد معهم في أقوى تفاعلاته ، ونحن نرى اليوم ما يطلق من شتائم وسباب ضد الليبراليين وغيرهم ـ مثلا ـ وكأنهم رجس من عمل الشيطان !! إن سرعة الأحكام القاذفة وإطلاق التهم الجاهزة ليست من أخلاق الإنسان ولا من حقوقه .. إن الديمقراطيات المزيفة في العالمين العربي والإسلامي بحاجة ماسة إلى أن تعّرى ويكشف عن كل عوراتها .. دعونا نحلل نقديا بعض الرؤى :

    التحولات بين الانفتاح والانغلاق
    إن كل من يقرأ تحولات التاريخ البشري ، سيعلم بأن العرب والمسلمين لم ينتشروا على العالم إلا بعد انفتاحهم على العالم في الشرق والغرب ، وان كل حضاراتهم القديمة والوسيطة ما كانت لتزدهر إلا بعد اندماجهم بالمجتمعات الأخرى ، والتي تعلموا منها الكثير ، بل واستخدموا أساليب جديدة في التواصل والانعكاس الثنائي .. الطفيليون الجدد اليوم قد أضاعوا الماضي والحاضر معا ، فلا هم بمدركين تحولاتهم عبر مئات السنين إذ تجدهم يحتشدون في زاوية متراصة واحدة وقد كبلوا أنفسهم عن بقية الزوايا الأخرى .. ولا هم بمشاركين هذا العصر قوته وأسرار تفاعلاته إذ انعزلوا تماما عن الاستجابة لتحدياته ! أنهم كانوا وما زالوا غرقى في مؤدلجاتهم ورموزهم ، فكيف بهم ينخرطون ليكونوا من الديمقراطيين ؟ إن من له انتماء عقائدي سياسي أو شوفيني عرقي أو طائفي ومذهبي .. لا يمكنه أن يكون ديمقراطي حّر أبدا .. وإذا كان المتحزبون الدينيون في كل أحزابهم وجماعاتهم ـ مثلا ـ واضحين في هذا ويعلنوا عدم إيمانهم بالديمقراطية ، فان مجرد دخولهم لعبة الديمقراطية هو نسف لها من الجذور ! كما هو حال أي عقائديين سياسيين آخرين ، يلعبون بالديمقراطية شعارا وتطبيقا ، ولكنهم لا يؤمنون بها أبدا .
    لقد أضاع كل من العالمين العربي والإسلامي الفرص السانحة التي مرت على شعوبهما منذ قرنين من الزمن .. ولم يفشل الطفيليون الجدد سياسيا في صنع القرارات المصيرية والإستراتيجية فحسب ، بل خسروا أيضا كل مقومات الدفع الحضاري وأسباب التسارع التاريخي .. واستطيع القول أن مجتمعات إسلامية أخرى في هذا العالم تجد في العزلة كالتي يثوى العرب فيها ، أسلوب خلاص من هذا العالم المعاصر الذي وصف في القرن العشرين بـ " الجاهلية " ، وإذا كان هذا " التوصيف " قد مّر عليه قرابة نصف قرن ، فماذا سيكون توصيف القرن الواحد والعشرين بكل ما حظي به العالم المعاصر اليوم من انفتاحات وقوى وهيمنة وامتدادات واختراقات ؟؟ ومع كل الأسف بالرغم من كل ما يستخدمه الجميع من آخر مبتكرات تكنولوجيا المعلومات وثورة الاتصالات المتطورة .. لم نزل نسمع بمن يتخّوف من الغزو الثقافي .. وكأن مرئيات العالم كلها لم تدخل ابدا إلى حجرات بيوتنا ومخادع نومنا عبر الستالايتات والاجهزة اللاقطة ؟؟

    مشكلة الجيل الجديد
    لقد بات الملايين من العرب والمسلمين في عالميهم الواسعين .. لا ينتجون وهم يستهلكون .. ينامون ولا يستيقظون .. يتراجعون ولا يتقدمون لأن اغلبهم من الأميين .. ( الأرقام التي سأعرضها في محاضرتي السنوية عن حصيلة 2006 والرؤية الى العام 2007 في منتدى دراسات المستقبل هذا الشهر هي مذهلة لا يمكن تخيلها عن مدى الضعف والتراجع الذي وصل اليه العرب ونسب الأمية في أوطانهم ) .. ولم يعد ينفع لا الخطاب ولا النقد لا على مستوى الدول وأنظمة الحكم ولا على مستوى المجتمعات وقواها المحلية في كل التكوينات التي نعرفها في عالمينا . ان مشكلة الجيل الجديد الذي سيتسّلم مقاليد الحياة بعد سنوات قريبة من اليوم انه قد ترّبى في واقع منسحق مليء بالتناقضات والأوهام والشعارات والأكاذيب ، وقد نال نصيبا هائلا من تأثير الاستبداد والتخّلف وضياع الزمن ..
    إن الجيل الجديد في المجتمعات العربية والإسلامية ، مشلول الحركة كونه يصارع على جبهتين اثنتين : جبهة داخلية متوقفة عن النمو تماما ـ إذا حق لي استعارة تعبير المؤرخ البريطاني الراحل ارنولد توينبي ـ وجبهة خارجية تتقدم بشكل مذهل لا يمكن تخيّله في كل دقيقة تمر ! انه جيل متقهقر فكريا ونفسيا يقع بين أغلبية من الطفيليين الجدد بأرواح متهرئة قديمة لا حياة فيها وهي مسيطرة تماما على كل الأنفاس والعقول إعلاميا وتربويا وسياسيا بأساليب ماكرة .. وبين أقلية من صفوة النخب المثقفة الخائفة اللائذة بالستر والدفع بالتي هي أحسن في عالم متوحش يغيب عنه يوما بعد اليوم القانون والتنظيم والحرية والتفكير! مشكلتنا اليوم مع أناس طوباويين يتوهمون المستقبل لهم ويتخيلون العظمة لهم ، ولكنهم لا يعرفون ماذا يريدون لا اليوم ولا في قابل الأيام .. إنهم يعيشون ضياع الفكر وتشتت التفكير وانعدام البرامج وتهافت المناهج واغتراب السياسة وتناقض المفاهيم وزئبقية المواقف وصدام الطوائف والملل ..
    الطفيليون الجدد لا يدركون أين تكمن مصالحهم الأساسية لأنهم يتوزعون على نحو غير فاعل بين الدين والدنيا ، فلا هم يعرفون الوسطية الحقيقية ، ولا الحيادية والتحييد ، ولا تأسيس العلاقة بين الماضي والحاضر ، وحتى إن نجحوا في مسك العصا من الوسط ، فلقد تشتتوا في أحزاب وشيع وجماعات وقوى وتكتلات تتراوح نسبة ضياعها من التكفيرية والممانعة والعصيان والتمرد والتعصّب والوثنية السياسية والحدود والاتهامات والقتل بمختلف الطرق .. بل ووصل الأمر إلى أقصى درجات الإجرام بالذبح على الاسم والهوية .. إن مجتمعاتنا سيزحف عليها كلها هذا الوباء القاتل ليجعلها تعيش أقصى درجات القهر الاجتماعي بوسائل وأدوات " دينية " أو طائفية أو مذهبية او وثنية سياسية .. ان المشكلات اكبر بكثير من حجم من يعالجها ، وحتى أولئك الذين تجدهم يحملون فكرا ثنائيا دينيا ومدنيا ويدافعون عن حقوق الإنسان تراهم يتشبثون بمرجعياتهم الاجتماعية الغارقة في التخلف والمأساة !
    المجتمعات تخلق حالاتها
    نعم ، إن " المجتمعات تخلق حالاتها " ـ على حد رأي ماكس فيبر ـ وان القوة لا تستطيع وحدها ان تخلق ديمقراطية والديمقراطية لا تخلق بين عشية وضحاها في بلدان لا تعرف أبدا الديمقراطية في تاريخها .. على الإنسان أن يرفع من دماغه مثاليات الأشياء وكأن ما يؤمن به هو الصواب دوما .. إن مجتمعاتنا إما أن تؤله قادتها وأما أن تسحقهم .. وقادة هذه المجتمعات لا يختلفون عن مجتمعاتهم في شيء من الأشياء ! مجتمعاتنا لا تفّرق بين المعاني والأشياء .. مجتمعاتنا لا تمّيز في التعامل بين الشخوص على أساس الإنسان ، بل تصنّف الشخص على أساس قبيلته أو عائلته أو إقطاعيته أو جهويته أو دينه أو مذهبه أو طائفته أو ملّته .. بل الأتعس من كل هذا وذاك يؤخذ الأب بجريرة ابنه والبنت بجريرة أمها والزوجة بجريرة زوجها .. وهكذا ، فالأمور مختلطة وفوضوية الى الدرجة التي لا يمكن التدقيق فيها على درجة من اللقانة والوضوح .
    انه حالة محرجة جدا يجد من يؤمن حقا بالديمقراطية نفسه فيها ، او من يضعه الناس فيها في الحقيقة ! ان من يؤمن بالديمقراطية ينبغي ان يركن عواطفه في قوالب ثلج .. وان يؤجل ذخيرته الإيديولوجية في الأدراج البعيدة ، حتى يتخّلص من آثارها القاتلة .. وان يتصّرف بما يؤهله عقله وثقافته ومعرفته ، وبما تمليه عليه إرادة التقدم والصالح العام كما يراها من هو أفضل منه ، إذ لابد أن يواجه من يختلف عنه بالفكرة لا بالعاطفة وبالحجة مقابل الحجة لا بالشتائم والتقليل من شأن الآخر ، إذ أن من لم يحسن الوقوف والمواجهة والمجادلة بالتي هي احسن ، فعليه ان لا يسب ولا يشتم ولا يسّفه رأي الآخر الا بأسلحة مماثلة .. إن العرب إذا ما اختلفوا مع من يخالفهم الرأي يسبونه ويشتمونه انهم يستحضرون نزعة الهجاء المترسخة لديهم في جيناتهم وكروموسوماتهم منذ آلاف السنين ! انه النضوب والعجز والبلادة .. انه الوشل والتعصب والكراهية او انه يسفّه الرأي الآخر من دون ان يأتي بالبديل .. هناك من يقدم الإحكام على الأشياء ويقوّم الأمور نظرا لما لديه من خبرة او قياس ولكن ليس شرطا ان يكون الرأي مقبولا من الجميع في الحياة الديمقراطية ..

    الم تشبعوا من الكلام الفضفاض .. ومن المواعظ والتلقينات ؟
    إن حياتنا العربية غدت ذات مشاهد مخزية في كل جنباتها بعد أن تيبّست الضمائر وبعد أن بقي جيل الأمس يسيطر على روح الحياة .. إن الجيل الجديد ليس له أي متنفس للتقدم وهو بالتأكيد أفضل من الأجيال السابقة ، ولكنه يبدو على أسوأ ما يكون لأنه يبدو مريضا كسيحا لا يقوى على الحياة إزاء هذه الوحوش الكاسرة .. انه منشغل بما يلبس وبما يلعب وبما يهذي وبما يسمع .. انه منشغل بتفاهات الأمور التي يفرضها عليه سدنة التقاليد المميتة ! وجدت شابا رائعا يقول : " لم يعد بمقدوري ان استوعب هذه الحياة العربية التي لا أجد شيئا يخلب الألباب فيها .. لست حرا في أوطان تكّبل تفكيري وإرادتي ومصيري .. لقد شبعنا من مدونات الكتّاب البليدة ومن مواعظ الواعظين التافهة وخطابات السياسيين الممجوجة " ، لقد تشرب هذا الجيل بكل ما تشرّب به الجيل السابق من الشعارات الزائفة والمواعظ الخطيرة التي تركت آثارها في كل العقول !! وعلينا بناء سلطة القول والصورة في أعماقنا ، وهذه حكمة التقطتها من مارك اوجيه .. فكيف نفسّر ذلك ؟

    الديمقراطية : بناء سلطة القول والصورة
    انه أمل رائع أن نصل في يوم من الأيام الى تحقيقي هذا المعنى من خلال الديمقراطية .. ولكن علينا أن نفكّر أولا في مشكلاتنا المستحكمة في الدواخل كي يمكننا إقامة الأسس الحقيقية للتحولات التاريخية . ثمة نماذج من مشكلاتنا في سيرورة التحولات .. المشكلة في استبداد الزعامات .. واستعراض المفاخر والعضلات .. المشكلة في الحراشف والزعانف والأعوان واللجان والضياع في التفريعات .. المشكلة في المكابرة والتسلط ومواريث التقاليد البالية .. المشكلة في إضاعة الزمن وخلق المعاذير والتبريرات .. المشكلة في الرموز لعلاقات النفوذ وقوة الخصوصيات ـ كالتي شرحها بورديو ـ ، المشكلة في ما يكتب من مدونات وما يلقى من مواعظ وما يجري من تلقينات .. انها من مخلفات جيل سيرحل عاجلا ام آجلا ، ولكن ليبقي مواريثه وبقاياه عند ورثة النصف الثاني من القرن العشرين .. والنماذج لا تحصى فهي كثيرة ، فمثلا مشكلة حقيقية في وسيلة إعلامية يصفونها بالمحترفة وهي تجذب الملايين تروج أكاذيب صحفي قديم بمنتهى الفضيحة ، ولا احد يلتفت ليوقف هذيانه على الناس .. المشكلة في كل من يدّعي انه ليبرالي حر وهو لم يزل يدافع عن عهر ما قام به حزبه في الماضي من نضالات ! المشكلة أن يتطّفل الآخرون عليك وهم لا دراية لهم في قراءاتك وتخصصك فيستعرضون أنفسهم في ما يكتبون ! المشكلة ان يغّلب الأيديولوجي دوما على المعرفي وخصوصا في الحكم على الأشياء والأبطال والشخوص والوقائع لنرى تزويرات تاريخية لا تعد ولا تحصى !! المشكلة في انعدام التقييم بين من هو مؤهل للكلام وبين من هو مؤهل للفعل .. المشكلة في كل من يبقى ضّيق الرؤية ويحكم على الأشياء الصغيرة ويغفل عن الجملة الكلية للأشياء الكبيرة ! المشكلة لم تزل حتى اليوم في عبادة الأبطال والقادة بكل ايجابياتهم وسلبياتهم من دون أي حيادية ولا أي موضوعية في تقييم تاريخ مضى كانوا في موقع المسؤولية عنه ! المشكلة في مجتمع متراجع جدا وثقافة متهالكة ، إذ يجد احدهم نفسه كاتبا ومفكرا ليدعو في مقال له إلى حكم دكتاتور متوحش لا إلى عدالة اجتماعية !! المشكلة في مجتمعات مخترقة سياسيا وإعلاميا من قبل أناس يعيشون هوس الماضي القريب وهم يتقلدون صنع القرار ! المشكلة في عدم وضوح الرؤية وتشوشها للفصل بين المعلومة والواقعة من طرف وبين الرأي ووجهة النظر من طرف آخر ! المشكلة في حصول تناقضات مفجعة ليس على مستوى أفراد أو جماعات ، بل على مستوى كيانات وسياسات دول !! المشكلة اليوم أكثر تعقيدا لأن الجيل الجديد لم يعد يركن لما تعتمده الدولة وسياساتها من برامج ومناهج .. بل استطاع الإنسان أن يتلقى كل الموبقات عن الآخرين من وراء الحدود او من وراء البحار ؟؟

    ماذا يمكننا أن نفعل ؟
    إن الديمقراطية مشروع حياة ووجود ومستقبل توفر للإنسان كل ما يريد ولا تنفي عنه كل ما يحب ويهوى .. إنها ليست ضد الإنسان ، وليست ضد القيم والمبادئ ولا ضد الأديان والعقائد .. إنها الوسيلة الحقيقية للإنسان كي تجعله إنسانا ، بل توفر له كل حرياته وتضمن له كل قيمه وموجوداته ومعتقداته وآرائه وأفكاره .. إنها توفر حرياته الدينية والشخصية والاجتماعية والفكرية والسياسية .. إنها لا تدّمر نظام البراءة والسجايا ـ اذا حق لي استعارة تعبير الصديق الفيلسوف باتريك شارودو في كتابه الجديد عن الخطاب السياسي ـ .. إنها النظام والقانون والفصل بين السلطات .. إنها ليست الفوضى لا المبدعة ولا القاتلة .. إنها ليست مشروعا لقتل الناس وتدمير حياتهم وسحق مجتمعهم .. إنها ليست مجالا للتسييس والادلجة .. إنها ليست قابلة للترويج لأفكار يسارية دون أفكار يمينية .. ولا آراء إباحية على حساب معتقدات دينية .. إنها لا تبيح لأي نظام سياسي او اجتماعي غاشم أن يؤذي الأقليات والملل .. إنها في الضد من الشوفينية القاتلة وضد عبودية التفكير الأحادي وضد عبادة الأشخاص .. إنها تخلق الروعة الوطنية بأسمى معانيها .. إنها لا تخلق العصاة والمتمردين بل تنضج المبدعين وأصحاب الكفاءات وتعتني بالنوادر منهم .. إنها توفر مساحات للنقد لا النقل ، إنها تعطي للإنسان قيمته في مجتمعه وعلى أرضه وترابه .. إنها الوسيلة الوحيدة التي يمكننا بها معالجة حاضرنا وبناء مستقبلنا .. وعلى قاعدة مكينة رائعة انطلقت منذ أزمان طوال تقول : " وجادلهم بالتي هي أحسن " ! وهل من بناء علاقة نظيفة ومتينة بين الحاكم والمحكوم ؟ وهل من تجسير حقيقي بين الزعيم والمثقفين ؟ أو بين شرائح الناس العاديين وبين الصفوة العليا من المتنفذين ؟

    " وجادلهم بالتي هي أحسن"
    إن المجتمعات العربية والإسلامية معا تعاني من أوجاع كبيرة ستصل يوما إلى حد الدمار الشامل .. أي أنها ستدمر نفسها بنفسها خصوصا إن كبر هذا النزق واتسع الخرق على الراتق .. وغدا هذا الحلم الكريه الذي يصورنا أحسن تصوير أمام العالم ونحن على العكس من ذلك ! هل يمكننا أن نستخدم العقل أداة حقيقية لمجتمعاتنا بديلا عن السكين ؟ هل يمكننا أن نخلق فكرة مدنية رائعة بدل سماع الخطابات الرنانة ؟ هل يمكننا أن نسمح للطيور تحلق في السماوات الصافية بدل البقاء في الزنازين العفنة ؟ هل يمكننا أن نعلن الحقيقة والرأي الجاد أمام الحكام بدل التملق والعبودية ؟ هل باستطاعتنا أن نجعل المرأة إنسانا موازيا للرجل يحترمها ويحميها .. لها ما له وعليها ما عليه بحيث تأخذ حقوقها كاملة ونخلق منها مجدلية رائعة بلا نقص في مجتمعاتنا الظالمة ؟ هل باستطاعتنا أن نخّلص ثقافتنا وسايكلوجياتنا من انسحاقات الهزائم وتبعية النسّاخ وغرائب الأوهام وجرائم الإعلام ؟
    هل باستطاعة مثقفينا وساستنا وقادتنا ان يكونوا أسوياء بحيث يعترفون بأخطائهم علنا ، فالإنسان خطّاء " وخير الخطائين هم التوابون " ؟؟ هل باستطاعتنا أن نرّبي أولادنا على أسلوب المكاشفة والصراحة والشفافية من دون أي مخادعة أو أكاذيب او تزويرات أو أوهام أو حكايا تخيفهم رعبا وتسحق نفسياتهم منذ الصغر ؟ هل باستطاعتنا أن نخرج مجتمعاتنا من ثقافة الممانعة والدم وأوهام التصوف والسحر والتشّفي والأحقاد والكراهية والإرهاب ؟

    وأخيرا : ماذا أتساءل ؟ ماذا اقول ؟
    هل باستطاعتنا أن نبني ذاكرة حقيقية غير مزيفة عن تاريخنا وعن مجتمعنا وعن شخوصنا وعن كل نسيج ثقافتنا في ماضينا وحاضرنا ؟ هل باستطاعتنا أن نتخلص من الجلود الملونة كي نتحصّن بجلود بيضاء نقية من أي أوساخ او أي اسوداد او أي دماء ؟ علينا أن لا نفرط في السفاهة والاستهتار والتوحش باسم الديمقراطية .. فنحن إن تكلمنا بهذه اللغة ، فنحن إذن في بداية طريق طويل جدا .. سيكون مليئا بالأشواك والشجون والهموم .. فالقروح لا تعالج إلا بمبضع طبيب والجروح لا تندمل من دون الآم ! اخلص في نهاية المطاف بأن حياتنا إن بقيت رهينة الانغلاق والاستبداد والسطوة والتكفير والإرهاب ، وان بقيت يعبث بها الطفيليون الجدد كما يشاءون ، وهم الذين أضاعوا الخيط والعصفور .. فإنها ستضمر فاعليتها ليفترسها الأقوياء .. أملي أن تكون هذه " الرسالة " قد وصلت إلى الأذهان والعقول والضمائر وكل الوجدان من اجل حياة جديدة ومستقبل جديد وتاريخ جديد لا يصنعه الطفيليون بل الملتزمون . إنني اذ اكتب في هذا " الموضوع " ، فثمة أشياء أخرى بحاجة إلى إفصاح ونقد وتأسيس .. أتمنى الرجوع كرة أخرى لكم لمعالجتها في قابل الأيام بعون الله



      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 3:45 pm