هي تتلون كالحرباء ، تجاول أن تبرر وجودها
لأخيها اللزي .
_أنا كنت جايه علشان أشوفها يمكن عاوزه حاجه.
_مالكيش دعوه بيها خالص ومحدش يدخل عليها
غير حليمه بنت الطواب ، ياللا غوري إطلعي من هنا.
منيرة وهي في حالة غيظ من أخيها وببرود.
_ أنا غايره يالزي ، وربنا يشفيلك قلبك اللي تاعبك.
اللزي بغضب
_ بتقولي أيه ؟
_ مابقولش حاجه واصل.
تخرج منيره ويقترب اللزي من ليله .
_ هي قالتلك حاجه تزعلك .
_ لا مقالتش حاجه .
_ طيب أنت عاوزه حاجه .
_ مش عاوزه حاجه وسيبني في حالي يالزي
مش بطيق أشوفك.
73
_ ماشي ياليله .
يخرج اللزي من حجرة ليله وهو في حالة غليان ، هو لم يعاملها بعنف منذ أن خطفها ويحاول أن يسترضيها وهي
تصده ، ووفر لها في حجرتها كل شئ ، وهي لا تشعر به
وتردد اسم حبيبها سديري .
جلس اللزي في حجرة مضيفته.
_ أيه يالزي ؟ ، بقى مَرَه تعمل فيك كْدْه ، تلخبط
حياتك ، الناس شايفاك راجل سبع ، الكل بيعملك
ألف حساب وأنت جواك راجل عاجز ومكسور ، ومِنْ
مْينْ ؟ حُرمه تبهدلك كده .
74
15_ في طريق زراعي ضيق
الوقت منتصف الليل، طريق ضيق وموحش ، نغمات
شاذه تتناثر هنا وهناك بين نقيق الضفاضع ونباح الكلام
ويختم النغمة عواء الذئاب ، حسن ومرسال وحمدان
يسيران في الطريق المؤدي إلى الكترة ، حسن لم ينسى
هذا الطريق ولا وحشة هذا المكان فقد سبق أن مر بنفس المكان بصحبة رحان ومسعده ومرسال بعد نزولهم من مركب منقريوس .
حمدان
_ إحنا قربنا من الجنينة.
_ أيوه ، أنا مشيت في الطريق ده وأنا جاي بلدكم.
وعارف كمان الجنينة ، فيها صوت كلاب كتيرة.
_ فيها غفير واحد والباقي من جوه كلاب .
_ فتحوا عنيكم معايه ، بعد مانقرب من الغفير،
أنا ومرسال حنروح من شماله وأنت حتيجي من يمينه
وحتكلم أنا ومرسال بصوت يسمعه.
75
مرسال ساخراً
_ ناقص تقوله جايين نسرقوا البهايم .
_ أيوه حنقول كده ، ركز ياغبي ، أنا عاوزه يسمعنا
يسمع إننا جايين ناخدوا البهايم ونحرك القمح اللي
مشونه .
حمدان
_ أنت عاوز تعرفه إنك أنت اللي عملت كده.
_أيوه ياعبيط وبعد مايسمع الكلام
ينظر لحمدان
_ حتيجي أنت من وراه وتضربه وتضربه ضربه
مش جامده ياحمدان .
_ أنت عاوزني أحسس عليه .
_ لا أنا عاوز يكون فيه حيل يجري ويهرب ويروح
يبلغ اللزي .
مرسال ضاحكاً
76
_ ويجي اللزي يلحقنا ويمسكنا .
...........
أمام الباب الخشبي الصغير المؤدي إلى داخل الجنينة
يجلس الغفير ممسكاً بعلبه صفيح مليئة بالتبغ يقوم
بلف سجارة ويبلها بطرف لسانه ويشعلها ، تاريخ الإنسان
مع التبغ قديم فتاريخه يرجع ل5000 سنة قبل الميلاد
حيث وُجد في العديد من الثقافات المختلفة حول العالم. وقد لازم التدخين
قديما الاحتفالات الدينية؛ مثل تقديم القرابين للآلهة، طقوس التطهير، أو
لتمكين الشامان والكهنة من تغيير عقولهم لأغراض التكهن والتنوير
الروحي. جاء الاستكشاف والغزو الأوروبي للأمريكتين، لينتشر تدخين التبغ
في كل أنحاء العالم انتشاراً سريعاً. وفي مناطق مثل الهند وجنوب الصحراء
الكبرى بأفريقيا، اندمج تدخين التبغ مع عمليات التدخين الشائعة في هذه
الدول والتي يعد الحشيش أكثرها شيوعاً. أما في أوروبا فقد قدم التدخين
نشاطاً اجتماعياً جديداً وشكلاً من أشكال تعاطي المخدرات لم يكن معروفاً
77
من قبل.
اختلفت طرق فهم التدخين عبر الزمن وتباينت من مكان لآخر، من حيث كونه مقدسا أم فاحشا، راقيا أم مبتذلا، دواء عاما -ترياقا- أم خطرا على
الصحة. ففي الآونة الأخيرة وبشكل أساسي في دول الغرب الصناعية، برز التدخين باعتباره ممارسة سلبية بشكل حاسم. في الوقت الحاضر، أثبتت الدراسات الطبية أن التدخين يعد من العوامل الرئيسية المسببة للعديد من الأمراض مثل: سرطان الرئة، النوبات القلبية، هي عادة ترويحية نفسيه
لازلنا نتفق ونختلف عليها .
حسن ومرسال يقتربان من يسار الرجل ، يتجاهلانه وكأنهم لا يرونه
يأتون من يساره ، يسمع الحارس دبيب أقدامهم ويقف مقترباً منهم
بهدوء واقفاُ على أطراف قدميه محاولاً كشفهم.
_ إحنا ناخدوا البهايم ، وبعد كده نولعوا في القمح ، ونحرق قلب
اللزي .
الحارس يرفع عصاه ويقترب منهم أكثر، فقد علم أن الجنينه مقصوده
مرسال
_ وحنودي البهايم فين ياحسن ؟
_ حنبيعهم في سوق التلات .
الحارس يقترب أكثر
_ ماتيجي ناخدوا القمح ، أحسن مانحرقوه .
_ حنشيله إزاي ،مش حينفع ، خلينا في البهايم .
78
_ والغفير اللي هنا ؟
_ نقتلوه ونخلصوا عليه .
في تلك اللحظة يهجم عليهم الغفير بعصاته ولكن لم يتمكن
من ضرب حسن ومرسال ولاحقه حمدان من خلفه بضربة على رأسه، حسن
يأخذ منه العصا ويضربه في جنبه ، يقع الغفير على الأرض ثم يحاول
الوقوف حتى يمكنه الوقوف ، يستجمع قواه ويجري هرباً.
لم يبقى أمام حسن سوى الكلاب التي كانت تنبح خلف باب الجنينة ولم يُكن
يحتاج أكثر من فتح الباب لخروج الكلاب والدخول بسرعه هو وحمدان ومرسال داخل الجنينة وغلق الباب وترك الكلاب خارج الجنينة ، تفرقت
الكلاب وهي تنبح خارج الجنينة ، إستطاع حسن الوصول إلى حظيرة البهائم
_ حمدان أنت ومرسال حلوا البهايم من مرابطها وأنا حفتح لهم فتحة في السور.
_ إحنا مش حناخدها نبيعها .
_ دي بهايم صحيح مسروقة ، ولكن إحنا مش حناخد منها حاجه ..
هم سرقوها والله أعلم بأصحابها ، ويمكن فيهم اللي بهيمته راس ماله
، إحنا حنطلقها وتبقى حظ اللي يستحقها .
_ وأنا موافق على كلامك ياحسن ،إحنا بنكشف
اللزي ونوجعوه زي ماوجعنا.
حسن لم يلقَي صعوبة في فتح مكان في السور ، هو سور هش من
79
من الطوب اللبن ، وقاموا بإطلاق صراح كل البهائم خارج السور
فتفرقت البهائم داخل الأراضي الزراعية . وصلوا لمكان تشوين القمح
قام بإحراقه ، وكانت المفاجأة أنه عثر على إسطبل للخيول ، ابتسم حسن
_ دي حناخدها من اللزي وكل واحد حياخد حصان ، وربنا يسامحنا.
_ ده حقنا ياحسن ومايجيش تعويض للي عمله فينا اللزي وحرق بيتنا
بالبهايم اللي فيه.
_ يمكن يكون معاك حق ياحمدان ، أنا أخاف أفتي فيها .
إمتطي الثلاثة ثلاثة أحصنة وانطلقوا بهم عبر ذلك الطريق الضيق
............
لا زلنا نبحث عن هوية ،.عن سكن ،عن ثوب لا عن كفن، في الأوطان هناك من يرضعون من ثديها ويورثون الرضاعة، وهناك الحرافيش سقطوا من الأرحام مفطومين.
فتوح غفير الجنينة ، لايزال يجري لاهثاُ ، يبدو عليه الإعياء
لكنه ظل يقاوم ، حتى وصل دار اللزي ، وما إن وصل لعتبة
الدار سقط على الأرض وهو يتكلم بصعوبة.
_ اللزي فين ، هاتولي اللزي.
80
طلب وبكر إنزعجا من حالة فتوح .
_ فيه أيه ياواد يافتوح ؟
فتوح وهو يلملم أنفاسه
_ مش قادر اتكلم ، هاتولي اللزي .
_ ادخل ياطلب صحي اللزي ، لما نشوف آخرتها ،
يدخل طلب ويمشي في الممر حتى يصل باب بيت اللزي
يطرق الباب بعنف ، يقوم اللزي مفزوعاً ويجري نحو الباب
وخلفه منيره ، يفتح الباب ويخبره طلب بما حدث ، يهرول مسرعاً
إلى الباب ، نسى ان يرتدي جلبابه على جسده وخرج بملابسه الداخلية
سروال كبير يعلوه قميص من القطن ، يصل لمدخل الدار ، فتوح مُلقى
على الأرض.
_ فيه أيه يافقر البين( وجه الغراب) أنت..؟
_ رجاله هجموا عليه ياسبع جايين يسرقوا البهايم ، ويحرقوا القمح
اللي في الشونه .
اللزي في قمة غروره وغضبه .
_ رجاله ، رجالة مين ياواد، ومين يستجري يعمل كده .
فتوح محاولاً إستجماع قواه وتنظيم أنفاسه .
_ أنا سمعتهم وهما بيتكلموا ، فيهم واحد إسمه حسن .
81
اللزي والشرر يتطاير من وجهه .
_ بتقول إسمه أيه ؟
_ إسمه حسن ياسبع ومعاهم واحد شبه حمدان بن الحمداني
معرفش إن كان هو ولا لا .
اللزي يعُض على كف يده من الغيظ .
_ هي حصلت كده ؟ انت يابكر روح صحي هريدي
وباقي الرجاله واسبقوني عند نخل نخل مُصبح حيجيلكم
هناك .
_ مش حنجيب هارون معانا .
_ لا ومحدش يجيب له سيره باللي حصل.
...........
يصل حسن بصحبة مرسال وحمدان إلى منطقة الشيخ عبدالحميد
هو مقام مبني بالطوب اللبني ، يذهب أهل البلده بالتبرك به ويذبحون
عنده الأضاحي ويهبونه أقمشه للضريح ، إن سألتهم مَنْ هو الشيخ
عبدالحميد وماهي سيرته ، لن تجد لديهم جواب شافي ، طلب حسن
82
البقاء بجوار الخيول وسوف يُكمل هم وجمدان حتى دار اللزي
لتحرير رحان .
في مواسم الحصاد، أنا المحصول، هم الجراد.
أنا المحمول على نعش الحيرة، أنا المقتول .
أنا المسجون في الألم، أنا الناي بصوت عدم .
...وصل حسن بصحبة حمدان لدار اللزي ، هو
يدرك أن اللزي سوف ينشغل بالجنينة ويخرج بكل
رجاله ،ولقد صدق حسن في حدسه فلم يكن عند
الدار سوي حارسين، تسلل حسن إلى أقرب نقطة في السور ،صعد على كتف حمدان وتسلق السور وقام بسحب
حمدان لأعلى ، حسن يدرك من خلال عشرته القليلة بأهل
البلده أن أضعف تقطة في البيت تكون في خلفيته ففي
الغالب لا تكون مسقوفة ، حتى زريبة البهائم سقفها
ضعيف ، هم يهتمون بواجهة المنزل ، وفي مدخله تكون
مضيفة وأمامها حجرة ملتصق بها من الداخل حجرة أو اثنين
تسلق حسن الحائط في أضعف نقطة وهو أعلى من السور
المحيط بالبيت ، هو جدار حائط عادي، قفز حسن إلى الداخل ،ولم يكن الحظ أنيقاً معه فقد قفز في عشة تربية
83
الدجاج والبط والأوز وتاه بين بطبطة البط والأوز ونقنقة الدجاج
...تسمع منيره صوت الطيور فتفزع فتقترب من العشه، حسن كان قد خرج من العشة وتوارى خلف صومعة كبيرة
منيرة خَشِيتْ أن يكون ثعلباً جاء يفتك بالطيور، فتحت العشة
ونظرت إليها ، كان الصوت قد هدأ، إطمأنت وعادت إلى حجرة
المضيفة منتظرة عودة اللزي ،حسن اتجه نحو أول غرفة مغلقة ونادي بصوت واطي.
_ عم رحان ، عم رحان ؟
لم يجد إجابه ، كرر هذا مرة آخرى في حجرة آخرى ولم يجد
إجابة ومن سوء حظ ليله ، لم يذهب لحجرتها واتجه نحو
الحوش .كرر النداء.
_ عم رحان ، عم رحان .
كانت فرحة رحان طاغيه بسماعه صوت حسن.
_ أنا هنا ياحسن ياإبني.
منيرة سمعت بعض الهمس ولكن لم تستوعب الأمر
إتجهت نحو منتصف الدار وهي في حيرة .
_ أيه يابت يامنيره ، أنت إتخوتي ولا أيه.
يصل لها صوت رحان .
_ أنا هنا ياحسن .
84
يرى حسن منيرة وهي تقترب من الحوش ، تفتح
باب الحوش وتدخل ، يتسلل حسن خلفها، تتجه
ناحية رحان وحسن يتوارى خلف البهائم ،منيرة لرحان.
_ أنت لسه ماتخمدتش ياراجل أنت ، ولا تكنش مستنى
حسن .
رحان أدرك أنها سمعته وهو يجيب حسن ، فأراد
أن يبدد ظنها .
_معلش يابنتي ، أصلي حلمت بحسن ، وقمت مفزوع
عمال أنادي عليه .
_ طيب إتنيل وإتخمد واحلم بحاجه كويسه.
_ حاضر حتخمد يابنتي.
تخرج لواحظ ، حسن يغلق باب الحوش ، يتقدم نحو
رحان .
_ أنا السبب في اللي حصلك ده ياعمي
سامحنى.
_ نسيب ياابني وماحدش بياخد أكتر من نصيبه .
_ قوم معايه ياعمي ، مفيش وقت.
85
حسن يرفع رحان إلى أعلى ، يمسك رحان بأعلى الجدار
يصعد الجدار ، حسن يستند على مكان حلف البهايم
يسمونه مخول ، بينما هو يتسلق الحائط ، منيره تتجه مرة
أخرى نحو الحوش ، تجد حسن ورحان أعلى الحائط ، تصرخ منيرة بأعلى صوتها إلحقوني،حمدان يلتقط رحان ،خرجت منيرة لخارج الدار تستنجد بالحارسين ، وبينما يتلقف حمدان
حسن ظهر حارسي اللزي وهجما على حسن وحمدان،بعد
تشابك بالأيدي تمكن حسن وحمدان من ضرب الحارسين
واتجهوا ثلاثتهم ناحية الشيخ عبدالحميد ، حيث ينتظرهم مرسال بالأحصنة.
منيرة وجدت الحارسين ملقيين على الأرض يندبون
حظهم ، منيره ساخره.
_ انتوا رجاله انتوا ، بس لما يجي أخويه .
بعد قليل من الوقت وصل اللزي وخلفه رجاله وهم يجرون ذيول خيبتهم واللزي في حالة غضب عارمه ، لم يفيق
من ضربة الجنينة ووجد اخته منيرة تجري نحوه .
_ إلحقني ياخويا.
_ فيه أيه تاني يامنيرة ، مش كفايه اللي أنا فيه.
_حسن ياخويا.
86
_ حسن تاني هنا .
_ أيوه ياخويا، دخل دارك وأخد الراجل اللي أنت
حابسه في الحوش وهرب بيه وضرب رجالتك
الخايبين دول ( تشير على الحارسين )
اللزي يجز على أسنانه في غيظ ويعض كف يده
ويكاد أن ينفجر في صراخ ولكن حاول أن يلملم
شتاته .
_ بقى كده ياحسن ، عرفت تلعب مع اللزي ياواد
شغلتني بالجنينة علشان تيجي هنا وتهرب عبدك
وراك والزمن طويل ياحسن .
..............
صعب أن تكون الأوطان نار تجري تحت أقدام الشعوب
والأصعب أن تختنق بدخانه ،وصل حسن إلى خيمته
في الجبل وهو يحمل على كتفه رحان ودخل به الخيمة
وخلفه حمدان ومرسال ، مسعده تتجه نحو زوجها باكية
حسن يضعه على الأرض ومسعده تصرخ.
87
_ رحان ، رحان .
_ إرتاح ياعمي .
_ أنا حرتاح على طول ياحسن ، كويس
أني شوفتكم قبل ماأموت .
الحمداني كان قد نام واستيقظ على الصوت
_ أيه يارحان ، حمدالله بسلامتك.
_ أهلاً ياحمداني ، خلي بالك من حسن
ياحمداني . ينظر إلى حسن
_ وأنت ياحسن خالتك مسعدة ومرسال أمانة في رقبتك.
_ حتبقى كويس ياعمي ، ماتقولش كده .
_ الظاهر إن رحلتي معاك خلصت ،خلي بالك
على نفسك ياحسن .
يلفظ رحان أنفاسه الآخيرة وكان موته صدمة كبيرة لحسن ومسعده ومرسال .
88
16_ حجرة حبس ليله .
صرخات لآهات متبعثرة بين النهار والليل ، حطام يعانق
ذكريات لحبيب لن يعود، قلب ليلة لا يتحمل عقلها الذي
لا يكف عن الهوس ، فاض الأمر بالقلب متوسلاً للعقل
لا تفسر لي الرؤيا وإحملني على جناح الصبر ولا تشقيني
بوجعي .ليله تجلس مع حليمه وكعادتها ، جزينة ، شاردة
_ ماهو ماينفعش اللي بتعمليه في نفسك ياليله .
_ ياريت أموت وارتاح ياحليمه ،فيه أيه
فاضلي تاني من الدنيا.
_ فيه أخوكي وأبوكي.
_ وهم فين ياحليمه.
_ أنت عاوزه تفهميني إنك مش عارفه حاجه.
_حاجة أيه بس اللي أعرفها.
_ متعرفيش أن أخوكي وأبوكي عايشين.
ليله بفرحه عارمة ؟
_ أبويه وأخويه عايشين؟
_ أيه متعرفيش؟
89
_ لا ما أعرفش وأعرف منين ؟
_حسن وحمدان كانوا هنا عشيه .
_ هنا ؟ هنا فين ؟
_ حسن نط هنا ودخل البيت وأخد الراجل
اللي كان محبوس .
_ خلصوا عم رحان.
_ وتلاقيهم كانوا حيخلصوك بس العقربة
منيرة حست بيهم وضربوا الرجاله وهربوا.
_ ليله ، اللي قولته ليك بيني وبينك
أوعي يعرف حاجه اللزي .
_ ماتقلقيش ياحليمه.
_ فوقي ياليله ، ماتشمتيش منيره فيك.
_ معاك حق ياحليمه ، لازم أفوق،
تحدث نفسها
_ أفوق علشان أخد بتاري من اللي حرق بيتنا
وطرد أخويه وابويه من البلد وقتل حبيبي.
90
17_ مضيفة جعفر.
أحياناً نحتاج لدعاء من نوع خاص نقول، يارب إكفنا شر جرأة العبط وجرأة الجهل وجرأة الحماقة وجرأة الإستحمار ولاتحملنا عبث الفجار، في زمن المهالك، تستعصي الدموع وتبخل علينا بالسقوط ، هي بلدة باتت تُخْفي ثوبها النظيف وأمست تنشر ثوبها القذر ، الأشرار يجتمعون في مطبخ
إبليس ، جعفر واللزي وهارون في المضيفة بعد أن وصل إلى سمعه ماحدث مع اللزي .
جعفر ساخراً وهو يستفز اللزي .
_ والله الواد حسن ده محصلش ، يدخل دار اللزي
سبع الحاجر ويخلص قريبه ويضرب كمان الرجاله
ويمشي .
_ ياريت كنت في الدار وقتها ، كنت قطعته
حتت ورميته للكلاب .
جعفر يتخابث عليه .
_ وأنت كنت فين وقتها ؟
اللزي يتلعثم ويتردد في الرد.
_ كنت بتمشى على الجسر أنا والرجاله.
جعفر بمكر
91
_ واتمشيت لحد ماوصلت الجنينه ، مش كده؟
اللزي ينظر بعتاب لهارون
هارون
_ أنا ماليش دعوه ، ماتبُصليش.
جعفر
_ أنت تفتكر هو اللي قلي ،وافرض هو اللي
قال ، ماهو لازم يقول .
اللزي أدرك أن هارون يتجسس عليه من أحد
رجاله.
_ وقلك أيه بقى؟
_ قلي حكاية البهايم اللي بتتسرق وبتخبيها
في جنيتي ، والقمح اللي اتاخد واتشون فيها
من ورايا .
اللزي يشعر بالخجل ويمسح العرق الذي تصبب
على وجهه بأكمام جلبابه ، يحاول أن يبرر موقفه
ويخر ج من هذا الموقف الذي وضعه هارون فيه
لتزداد مكانته لدى جعفر على حسابه .
_ أنا كنت حقولك كل حاجه وأطلعلك نصيبك.
_ طيب تطلع نصيبي من البهايم ماشي، ولكن
92
حتطلعلي نصيبي من قمحي.
هارون محاولاً تلطيف الأجواء بمكر.
_ خلاص ياجناب الملتزم.
_استنى أنت ياهارون ؟
يلتفت نحو اللزي .
_شوف يالزي ، أنا اللي عملتك وأقدر
أقلعك ، والظاهر إنك فرحت بنفسك شوية.
وصدقت أنك سبع الحاجر ، اللي حتة عيل
خلاه يلف حوالين نفسه،وسايبك طايح
يمين وشمال والآخر جزائي تغدر بيه؟
اللزي يحاول أن يداري خجله وضعفه الذي
أوقعته فيه الظروف بفعل حسن .
_معاك حق ، أنا غلطان ، أنا طمعت في القمح
اللي بتفرقه ببلاش على أهل البلد.
جعفر لا يهتم به ويلتفت ناحية هارون .
_من دلوقت أنت المسؤول عن الأرض والجنينه
والطاحونه ،
يلتفت نحو اللزي
_ أنت مش حتعمل حاجه غير بمشورتي
93
واللي حطلبه منك وبس.
اللزى وهو خافض الرأس
_ ماشي ياكبير ، اللي تشوفه.
94
18_ لقاء في حضن القمر
لواحظ تتصل بالأمل وطال الإنتظار ، تحيا في عدم ومالها
من خيار ،وكلما حاولت أن تُخفي عشقها ، باحت به الأسرار
هي تتمنى أن تجرح الإنتظار ،وتطوي كل مسافات الأيام
فهو بالنسبة لها نقطة البداية وخط النهاية ، هي تؤمن أن من إعتاد فتح أبواب الأمل لا تشغله النوافذ المغلقة .
لواحظ مُستلقية على فراشها ، عيناها توقفت على سقف
الحجرة ، شاردة في عالمها البعيد .
_ وبعدين يابت يالواحظ ، حتفضلي كده لميته.
حَتفْضًلي تحلمي وبعدين تقومي على كابوس يُخنقك
ويطلع روحك ، ولا ياربي حلمي حيبقى حلم دايم أعيش
فيه .
..........
..هناك على الخط الآخر ، الله يُعمر الليل بالقمر والنجوم
حسن بمفرده خارج الخيمة يجلس على أحد الأحجار الكبيرة ينصت للسكوت ، يتسلل إليه القمر ويداعب وجهه
الحزين ، هو يتشارك مع القمر في الجانب المظلم المتواري
95
خلف المجهول ،يفكر في لواحظ ، من على أعلى جبل
العشق يُبَعثر لها آهاته ربما تصلها عبر ضوء القمر.
تطير أمانيه وتتبعثر في السماء لعلها تُجيبْ ، هي فاكهة
الأماني التي تُطْعم قلبه ، مائدة سقطت من شقوق السماء
لتُغْذي قلبه وروحه ،يقول لنفسه أنها أروع النساء ، سيدة
نساء الأرض ، هي خُلقت من نور وهُنْ خلقن من طين .
يُحاول أن يتحسس الشوق فيتذكر أن الحنين أعمى يذكُرَها.
ولا يراها ،
يخرج حمدان من الخيمة ويقطع على حسن وحدته.
_ أيه ياحسن ؟ مالك ؟
_ تعبان ياحمدان ، حاسس إني عجزت بدري والعمر
بيجري بيه ومش قادر ألاحقه.
_ الهم كبير وتقيل ياحسن ، اللي إحنا فيه مش شويه.
عايشين عيشة المطاريد ، معزولين عن الدنيا كلها.
_ أنا زعلان إني مقدرتش أخلص ليله، وزعلان على
موت عمي رحان ، إتحمل كتير بسبيي.
_ أنت عملت اللي عليك وده نصيب ، وليله أنا
قلبي بيتقطع عليها ، وحاسس بالعذاب اللي هي
فيه ،تعرف لو أسيب نفسي لجْنَاني ، أقول أنزل
96
أخلصها واللي يحصل يحصل .
_ اللزي حيعمل حسابه كويس قوي، بعد اللي حصل.
نُصبر شوية وإن شاء الله نلاقي طريقه نخلصها بيها.
مكتوب علينا الوجع ياحمدان.
_ قولي ياحسن ، أنت لسه بتفكر في لواحظ؟
_ غصب عني ياحمدان ، لواحظ بالنسبه لي طاقة
نور في أيام مكسوه بالسواد، ومع كل المواجع اللي
إحنا فيها وقلبي قايد نار من جوه.
_ مصيبتك كبيره ياحسن ، وقلبك مالقاش غير
بنت جعفر يعشقها ، وجع مالوش حل ياحسن .
_ عارف ياحمدان إنه وجع دايم مالوش دوا.
..........
لواحظ قامت من فراشها وفتحت النافذة ، وراحت تنظر
للقمر والنجوم، فالحنين وجع عشوائي لا يطرق باب
القلب ولا يستأذن في الدخول ، هو يحمل مفاتيح لكل
أجساد البشر، هي أمست بنت القمر ، لاتفارقه.
97
سهل أن تخسر في الحياة ، لكن الصعب أن تخسر
قلبك ، هي تحتاج أن تتكلم ، أن تصرخ ، ولكن لا تجد
من يسمع ، شوقها يحاربها ولايستريح. تَشكي للقمر
_ كل المواجع وليها دوا ، إلا وجع القلب .
تُحدث نفسها .
_قلبك خلاص ، مابقاش قلبك يالواحظ ،بقى قلب
حسن ، خرج عن طوعك ، وبيدق جواك علشان
يعذب فيك .
.
98
19_ صك الغفران
داخل دار اللزي ، أدمن اللزي المسير نحو غرفة ليله.
تتسابق خطوات اللهفة ،تتعثر أمانيه في الصفوف الخلفية
يتمنى لو يشتري من ليله صك الغفران ، هو يصلي في
محراب الحب بغير وضوء ، هو يحاول أن يتحسس الظل.
..منيرة تراقب اللزي وهو يتجه نحو غرفة ليلة ، تمصمص
شفاها .
_ خسارتك يالزي ، بقى بت زي دي تشحتف حالك كده.
..........
اللزي يدخل غرفة ليله فيجدها جالسة ، تسند خديها على
يديها ، وجه شاحب يحمل دموع جفت مياهها ، ليس هي
ليلة مشرقة الوجه ، ساحرة الملامح ، اللزي يقترب منها
وهي تضع يدها أسفل خدها ، لا تلتفت إليه .
_ إزيك ياليله ، عامله أيه ؟
_ الحمد لله على كل حال .
99
_ مش طيقه تبصي لخلقتي ، مش كده.
_ حتى لو مش طايقه ، أنا واحده مكسوره
مش بإيدها حاجه تعملها.
_ ماتقسيش عليه كده ، وأنا أقدر أصلح كل حاجه.
_ تصلح أيه ؟ تقدر ترجع اللي قتلته.
اللزي بغضب
_ ماتجبيش سيرته قدامي ، أنا لو قدامي
حقتله مية مره .
يحاول أن يلملم شتات غضبه. يقترب منها أكثر.
_إن كان على الدار أبني لأبوكي أجدع منها
وأنسى كل حاجه وأرجع أبوكي وأخواكي
البلد ، أخوكي اللي حرق القمح بتاعي وسرق
البهايم مع حسن .
_ ماانت حرقت كل حاجه ، صعبان عليك شوية
قمح وكام بهيمه .
_ خلاص أنا حنسى كل اللي عمله.
100
_ومين اللي يسنى أنت ولا هما.
_مش مهم دلوقت مين عمل ومين ماعملش
إحنا ولاد النهارده ، أنت وافقي على الجواز
وكل حاجه حتكون عال العال.
... ليله تفكر في كلامه وتحدث نفسها.
كلام معقول ، ومافيهاش حاجه لوجاريته
علشان أبويه وأخويه وكمان حسن اللي
اتبهدل علشانا، تنتهي من تفكيرها .
_ وحسن ؟
_ ده مالكيش دعوة بيه ، هو مش من بقية أهلك.
_ طيب سيبني أفكر .
_ فكري براحتك ، أنا رايدك ياليله.
101
20-_ المغيب
الشمس تجر أذيالها هاربة ، تتحامي في الشفق
تنسحب أمام قوة الليل ، كلاهما في مطاردة يومية
للآخر كلاهما يزيح الآخر ويجلس مكانه ،لواحظ بصحبة
حليمة كالعادة عند الشجرة .
_والله أنا مش عارفه ألاقيها منك ولا من ليله
أنتوا كرهتوني في عيشتي .
_ ليه بس ياحليمه .
_أقعد مع ليله ، بكا وهم ونكد،أجي عندك
ألاقي هم ونكد ، عاوزه حد فيكم يضحك مرة.
_ وفيه أيه ممكن يضحك ياحليمه ، اللي بيضحك
المبسوط ، والخالي من الهم ، يابخته.
حليمه ساخره .
_ وأنا نصيبي جاي مع بتوع الهم ، طيب ليله
همها جوزها اللي راح وأبوها وأخوها .أنت
بقى ، همك أيه ؟
102
_ همي كله حسن .
_ يادي حسن اللي جنن البلد كلها
جنن أهل البلد باللي عمله في اللزي
وجنن اللزي وجنن أبوكي .
_ أنا جناني غيرهم ياحليمة .
أنا جناني عشق ، نفسي أشوفه
كان جناني مرتين ، مرة أسمع صوته
من غير مااشوفه ومرة أشوف عنيه
نفسي أشوفه كله بحاله قدام عيني.
_ أنت حتموتي قبل ماتشوفيه ، انت
بتحلمي حلم صعب ياست لواحظ.
_ عارفه ياحليمه ،إن حلمي المستحيل
بعينه .
103
21_دار الشيخ أدم
علي أعتاب الزمن غفونا .إفترشنا وسائد الأحلام .سكت
الكلام، نُفتْش بين ثنايا الضحكات عن السعادة ، تأخذنا
الأحاسيس بعيداً نبحث عن الأحلام الضالة ،.
يجلس الشيخ أدم على الدكة في فسحة الدار
بجواره شحاته وزوجته عزيزه .
_ العيد الكبير قرب يابا ، حتجيبلي الجلابيه
الجديده امتى.
_أنا وصيت سعد الخياط يجبلي حته عَبْكْ
من سوق التلات ، حاخد منها مترين وأنت
خُد الباقي ،
_ هو مفيش غير العَبْكْ يابا.
_ وماله العبك ، كل البلد لابساه ، ماتُكنش
عاوز حرير يابن عزيزه .
_ لا أنا عاوز حته كستور.
104
الشيخ أدم ساخراً
_ كستور ؟ عاوز تلبس كستور ياابن عزيزه.
عزيزه معترضه
_ ومايلبسش كستور ليه ، اللي بيلبسوه
أحسن منه .
_ الله يرحم أبوكي ، كان بيلبس الخيش
وعمره مالبس نعل ورجليه كانت مشققة ومقشقة
زي الأرض البور ، ولما اشترى نعل إستخسر
يلبسه ، بقى شايله في ايديه.
_ أدي اللي فالح فيه ، تتريق وتتمقلذ
ولا فكرت يوم تجيبلي حته قماش .
_ أنت آخرك شوال قطن يابنت اللاوندي.
يتبع 4
» تطبيق وصفات طبخ
» تفسير الاحلام كاملا بالحروف
» تطبيق وصفات طبيعية للتجميل
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية
» الاتجاهات الحديثة في الكتابة القانونية